في عالم الصحافة، هناك نوعان من الصحفيين: من يبحث عن الحقيقة، ومن يبحث عن الحساب البنكي مثل “المهداوي”، الأول يسهر الليالي ليتحقق من المعلومة، و”المهداوي” يسهر الليالي ليحسب الأرباح. الأول يسأل المسؤولين، و”المهداوي” له صحافته؟؟. الأول يعيش متواضعا، والثاني يراكم الثروات بطريقة تجعلك تتساءل: هل هو صحفي أم مستثمر في البورصة؟
هناك فئة من الصحفيين تظن أن الصحافة هي مجرد ميكروفون للسباب والشتائم، وأن التحقيق الاستقصائي لا يحتاج إلى وثائق بل إلى شتيمة جيدة الإعداد. هؤلاء لا يبحثون عن الحقيقة، بل عن أكبر عدد من المشاهدات، لأن الحقيقة لا تدفع الفواتير، لكن الفضائح تفعل. والفضيحة تصبح أكثر ربحاً عندما تكون مدفوعة مسبقاً من طرف سياسي يبحث عن تصفية حساباته، أو رجل أعمال يريد أن يحطم منافسيه.
بعض الصحفيين تحولوا إلى وسطاء بين السياسيين، يلعبون دور القوادة. إذا أردت أن تهاجم خصمك، ادفع. إذا أردت أن تُصنع لك صورة نظيفة، ادفع أكثر. وفي النهاية، يصبح الإعلامي صاحب القرار الحقيقي، لأنه يمتلك مفتاح التشويه والتلميع.
الصحفي الذي يتحدث عن الفساد ويشتكي من الغلاء، هو نفسه الذي يغير سيارته كل ستة أشهر، ويسافر في الدرجة الأولى، ويسكن في فيلا بواجهة بحرية. كيف؟ لا أحد يسأل، لأن الإجابة معروفة: الصحافة أصبحت تجارة، والمعلومة أصبحت سلعة، والابتزاز أصبح نموذجًا اقتصاديًا ناجحًا.
الصحافة كانت تُعرف بأنها مهنة المتاعب، لكنها تحولت عند البعض إلى مهنة المنافع. بين إعلاميين يناضلون لإيصال الحقيقة، وآخرين يناضلون لرفع سعر الابتزاز، يبقى السؤال: هل الإعلام في أزمة، أم أن الأزمة في الإعلام؟