إكسبريس تيفي: مصطفى الفيلالي
في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتغير فيه المواقف بسرعة، يواصل عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، تقديم عروض شعبوية تثير حيرة المتابعين واستغرابهم.
ففي العاصمة الرباط، خرج بنكيران هذا الأسبوع بكلمات “أخلاقية” رنانة، يندد فيها بضرب البندير ويذكر بالمأساة في غزة، مستحضراً قيم المروءة والإنسانية في خطاب يظن أنه يلامس وجدان المغاربة. لكن سرعان ما تنقلب الأمور 180 درجة، حينما يصل الرجل إلى مدينة أكادير.
هناك، في قلب سوس، نسي بنكيران “البندير” وغزة، وبدل أن يكون صامتاً في عزّ المواساة، وجد نفسه يغني ويرقص بحماس مع فرقة أمازيغية، رافعاً عصاه جانباً ومتفاعلاً مع إيقاعات “أحواش” التقليدية، في مشهد يعكس تناقضاً صارخاً بين الخطاب الرسمي والواقع.
تلك الرقصة لم تكن مجرد لحظة فرح، بل كشف عن ازدواجية خطاب سياسي لا يتورع عن استخدام المواقف بحسب ما يخدم مصالحه الانتخابية والشعبوية. ففي الرباط، يكون الترفيه عند “الآخرين” ممنوعاً، أما في معقل حزبه في الجنوب، فهو مسموح ومطلوب.
لا ننسى أيضاً أن تصريحات بنكيران السابقة التي استفزت الساكنة السوسية، خاصة سؤال “بشحال كاع كيعيش السوسي؟” والتي خلفت جرحاً في نفوس المواطنين، عادت لتطارد الرجل في ظهوراته، لكنه يحاول تدارك الموقف برقصة هنا وضحكة هناك، كمن يحاول إخماد نار الغضب بصخب الطبول.
هذا المشهد يضع أمامنا حقيقة واضحة: بنكيران لاعب بارع في لعبة الشعبوية، يوزع مواقفه وفقاً للجمهور والمناسبة، فتراه “مناضلاً” في خطابه وفي لحظات أخرى”فناناً” يتمايل على أنغام تناقضاته.
وفي نهاية المطاف، يبقى المواطن المغربي أمام نسخة متجددة من السياسي المتقلب، الذي يصدح بالكلمات في مجلس النواب، ويرقص على إيقاعات الطبول في الساحات، بينما تبقى الأسئلة عن المصداقية والالتزام معلقة على أمل جواب صريح وواضح.