شاعيق عبد العزيز
ما شهدته موانئ طنجة والدار البيضاء من مظاهر الفوضى والعنف، خلال مظاهرات غير مرخصة دعا إليها محسوبون على جماعة العدل والإحسان، لا يمكن تصنيفه ضمن خانة الاحتجاج السلمي، بل هو خرق صارخ للقانون واعتداء مباشر على القوات العمومية، وضرب لمصالح الوطن الحيوية.
نصرة القضية الفلسطينية لا تكون بالتهجم على رجال الشرطة، ولا بمحاولة شل حركة منشآت اقتصادية تعتبر شرايين حيوية للبلاد.
من أراد أن يدعم فلسطين، فليدعمها بالوعي، بالمواقف الصادقة، وبالدبلوماسية الفعالة، لا برفع شعارات حماسية خارجة عن السياق، ولا بتحريض الناس على خوض معارك وهمية داخل أرض بعيدة آلاف الكيلومترات عن ساحات النضال الحقيقي.
رجال الأمن ليسوا خصوما لأحد، بل هم أبناء هذا الشعب، يشتغلون تحت الضغط لحماية الأرواح والممتلكات. مشاهد الاعتداء عليهم، والتي غزت منصات التواصل الاجتماعي، لا تشرف أحدا، بل تفضح مستوى الانحدار الذي بلغته بعض الجهات في استغلالها للقضية الفلسطينية كغطاء لتصفية حسابات سياسية أو إثارة الفتنة.
ثم ما جدوى استهداف الموانئ؟ أليست الساحات العمومية هي الفضاء الطبيعي والمشروع للاحتجاج؟ لماذا نصر على نقل الاحتجاج إلى مواقع استراتيجية، نعلم جميعا أن عرقلتها تضر بمصالح المغاربة، من تشغيل وتوريد وتصدير؟ هل أصبح ضرب الاقتصاد الوطني شكلا من أشكال “الدعم” لفلسطين؟
القضية الفلسطينية، التي يحاول البعض اختزالها في صراع ديني أو عرقي، هي في جوهرها قضية إنسانية عادلة.
هي قضية شعب يناضل من أجل الكرامة والحرية والعيش بسلام وبالتالي، لا يحق لأي تيار أو جماعة أن ينصّب نفسه وصيا عليها، ولا أن يلوح بها كلما أراد الضغط أو التصعيد.
والأدهى من كل ذلك، أن الشركات المسؤولة عن البواخر التي أثير حولها الجدل، نفت بشكل قاطع أي علاقة لها بنقل أسلحة لإسرائيل.
ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول دوافع من روج لهذه المزاعم، ومن اختار أن يلبس الاحتجاج ثوب “المقدّس” ليمرر به سلوكات مرفوضة.
إن نصرة فلسطين لا تمر عبر تكسير مؤسسات الدولة، ولا بإهانة رجال الأمن، بل بتعزيز وعي جماعي راق يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ويصون القضايا العادلة من الابتذال والاستغلال.
1 55 زيارة , 1 زيارات اليوم