من السكر إلى الاستدامة – كوسومار ترسم ملامح الفلاحة الذكية بالمغرب

من السكر إلى الاستدامة – كوسومار ترسم ملامح الفلاحة الذكية بالمغرب

- ‎فياقتصاد, واجهة
كوسيمار 1

نجيبة جلال

في زمن تزداد فيه الضغوط المناخية وتتصاعد رهانات الأمن الغذائي، تفرض مجموعة كوسومار نفسها كفاعل استراتيجي يجمع بين الابتكار، الأداء، والبعد الإنساني. فليست كوسومار مجرد منتج للسكر، بل قصة نجاح مغربية تُترجم على الأرض في الحقول والمعامل والأسواق العالمية، وبالأساس في حياة آلاف الفلاحين الذين جعلتهم في قلب رؤيتها.

أولت المجموعة أهمية قصوى للماء باعتباره شريان الحياة الفلاحية، فاعتمدت تقنيات متقدمة أبرزها الري بالتنقيط، الذي قلل من استهلاك الماء بنسبة 25%، كما أدخلت أجهزة استشعار ذكية ورادارات جوية لضبط الحاجيات الدقيقة لكل محصول. وإدراكًا لخطورة ندرة المياه، تواكب كوسومار الاستراتيجية الوطنية لتحلية مياه البحر، التي ستمكن المغرب من بلوغ قدرة إنتاجية تناهز 1.7 مليار متر مكعب سنويًا في أفق 2050.

وفي سياق مواكبة التحولات الرقمية والبيئية، استثمرت المجموعة في الزراعة الذكية المعروفة بـ”الزراعة 4.0″، عبر استخدام الطائرات بدون طيار، وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتشخيص التربة وتدبير الأسمدة والمبيدات بدقة، مما مكن من تقليص استعمالها بنسبة 30%. كما أطلقت برامج بحثية لتطوير أصناف نباتية مقاومة للجفاف، والحد من آثار التغيرات المناخية.

Capture decran 2025 04 24 225215

المعادلة التي بنت عليها كوسومار نموذجها التنموي واضحة: فلاحة ذكية + دعم اجتماعي = فلاح مزدهر. إذ ضمنت للمزارعين دعمًا مباشرًا، ورفعت أسعار شراء المحاصيل، مما أدى إلى تحسين متوسط دخلهم بنسبة 35%. كما سهّلت الولوج إلى التمويل والتأمين والتكوين، وأطلقت مبادرات اجتماعية لفائدة أسر الفلاحين تشمل التمدرس، الصحة، والعمرة، في مشهد يعكس التزامًا إنسانيًا راسخًا.

وقد شكّل تشغيل مصفاة سيدي بنور في شتنبر 2024 نقلة نوعية، بطاقتها الإنتاجية التي تبلغ نصف مليون طن سنويًا، واعتمادها على أحدث الأنظمة الصناعية والرقمية. هذه البنية القوية عززت موقع كوسومار في السوق الدولية، التي صدّرت إليها 653 ألف طن من السكر الأبيض خلال 2024، بزيادة 10% عن السنة السابقة، نحو أكثر من 80 دولة.

Capture decran 2025 04 24 225207

ورغم تقلبات السوق وارتفاع أسعار المواد الأولية، استطاعت كوسومار تسجيل أداء مالي مميز، بلغ فيه رقم المعاملات 10.239 مليار درهم، بينما وصل صافي الربح إلى 850 مليون درهم، مع انخفاض ديونها إلى 556 مليون درهم، ما يعكس نجاعة نموذجها القائم على التنويع والاستباقية.

على المستوى البيئي، خفضت كوسومار بصمتها الكربونية بنسبة 50% ما بين 2016 و2024، وقللت استهلاك الماء والطاقة عبر تحديث بنيتها الصناعية، كما أدخلت الطاقات المتجددة ضمن منظومتها الإنتاجية، وحرصت على تدبير رشيد للمخلفات الزراعية وتحويلها إلى طاقة نظيفة.

ولأن المستقبل لا يُبنى بالكلمات بل بالأرقام، التزمت كوسومار، ضمن شراكتها مع الدولة في إطار “الجيل الأخضر”، برفع الإنتاج الوطني من السكر الأبيض إلى 620 ألف طن بحلول 2030، وتوسيع المساحات المزروعة إلى 73 ألف هكتار، مع استثمار يفوق 5.7 مليار درهم. وبذلك، تثبت أن السيادة الغذائية تمرّ عبر رؤية واضحة، شجاعة استثمارية، واحترام عميق للإنسان والبيئة.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *