رد على مقال صحفي وراءه هشام جيراندو حين تصبح الأكاذيب أدباً والمعارك الرقمية بطولة وهمية

رد على مقال صحفي وراءه هشام جيراندو حين تصبح الأكاذيب أدباً والمعارك الرقمية بطولة وهمية

- ‎فيرأي, واجهة
Capture decran 2025 05 09 224522

 

محمد تحفة/

في زمنٍ لم يعد فيه التهريج عيباً، صار كل من رفع هاتفاً وفتح كاميرا يتوهم أنه حامل مشعل الحقيقة، وكل من تفوّه بكلمة ضد مؤسسة أصبح “مناضلاً كونياً”، لا يُمس، ولا يُسأل، وكأن حرية التعبير تُمنح بالتقسيط حسب عدد المشاهدات.

قرأنا نصاً مشبعاً بالدراما الرخيصة، يخلط بين التهويل الشعاراتي والرطانة الثوروية الفارغة، يُقدَّم فيه هشام جيراندو وكأنه مانديلا زمن اليوتيوب، مع أن الواقع يقول شيئاً آخر: مُدان قضائياً، فارّ من العدالة، مدّعي بطولة صنعتها الفوضى لا المواقف.

كاتب المقال (سواء كان هشام أو الصحفي المستعار الذي يتخفى خلفه)، قدّم لنا نصاً محشواً باستعارات منتهية الصلاحية: كوريا الشمالية، اليورانيوم المخصب، الأخطبوط الأمني، كندا الحنونة… وكأن القارئ طفل في عرض مدرسي لخيال الظل.
لكن ما نسيه هذا “الشاعر الثائر” أن العدالة لا تُقاس بحدة الصوت ولا بعدد كلمات “فساد، قمع، إرهاب” التي تتكرر كالطبلة في حفلة غوغائية.

هل أصبح كل من حُكم عليه بالسجن مظلوماً؟
وهل يكفي أن تقول “أنا كندي” كي تحصل على حصانة ضد القانون المغربي؟
إذا كان هشام “يمارس هواية الكلام” كما يزعم، فلِمَ لم يكن كلامه داخل حدود النقد؟ لِمَ لُفّق بالشتم، والإهانة، والتحريض؟ أليس ذلك ما يجعل الفرق بين حرية التعبير وحرية الإساءة والانفلات؟

ثم تعالوا نضحك قليلاً على هذه الجملة:
“محكمة الاستئناف أصدرت حكماً عن بُعد، بالريموت كنترول، دون محامٍ ولا إشعار”
هكذا تُختزل مؤسسات القضاء في كاريكاتير هزلي، فقط لأن شخصاً قرر أن يصرخ أكثر مما يُقنع، وأن يسخر من الدولة ثم يستغرب حين تعاملت معه كفارٍّ من العدالة.

أما حكاية أن الصحفي “استعار” عبارات هشام، فهنا نبلغ قمة العبث. إن لم يكن هشام هو الكاتب، فهل نحن أمام نوع جديد من المعارضة بالأشباح المستعارة؟
المصيبة أن الجميع يكتب ويتكلم ويتهم… ثم حين تأتي ساعة الحساب، يتحولون إلى أرواح إلكترونية، لا أحد يعترف بالنصوص، ولا أحد يتحمل مسؤولية ما قال.

ختاماً:
إذا كانت بطولاتكم تُصنع خلف الميكروفونات، فمؤسسات هذا الوطن تُبنى بدماء الشرفاء، وليس بتدوينات المنفى.
وإذا كانت “الكلمة الحرة” لا تُقمع – كما تزعمون – فإن الشتائم ليست كلمات، والتشهير ليس نضالاً، والفرار من العدالة ليس بطولة… بل جبن مغطى بورق الصراخ الممجوج.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *