تحالف الإبتزاز باسم فلسطين .. من يوقف العبث

تحالف الإبتزاز باسم فلسطين .. من يوقف العبث

- ‎فيرأي, واجهة
IMG 20250416 WA0186

 

 

ابو سارة/

في مشهد يعيد إلى الأذهان سيناريوهات ركوب الأمواج السياسية والدينية، عادت جماعة العدل والإحسان، هذه المرة مدفوعة بتحالف غير معلن مع الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية، لتدخل على خط الزخم الشعبي المتضامن مع القضية الفلسطينية، مستغلة الشارع ومزاجه الغاضب لاستقطاب الشباب وتغذية التعبئة العقائدية. التحرك لا يبدو بريئاً ولا عفوياً، بل يندرج ضمن خطة متكاملة تستثمر في العاطفة وتدغدغ الوجدان الجمعي لإعادة ترتيب الصفوف وتوسيع دائرة التأثير، باستخدام أدوات الدعاية الرقمية والاحتجاج الممنهج.

ما يزيد من خطورة هذا التحول ليس فقط استغلال مناسبة إنسانية عالمية لتصفية الحسابات السياسية أو الترويج لأجندات أيديولوجية، بل دخول أطراف محسوبة على اليسار إلى نفس الصف، في تحالف هجين يفتقد لأي منطق سياسي أو تماسك فكري. يسار يرفع شعار الحداثة يتحالف مع جماعة ترى الديمقراطية بدعة، وحزب ديني فقد توازنه الانتخابي يبحث عن أمل جديد في الشارع. ما يجمعهم ليس المبدأ، بل الانتهازية. وليس البرنامج، بل الرغبة في العودة إلى الواجهة من بوابة التصعيد والتحريض.

اللافت أن الخطاب المرفوع لم يعد يقتصر على الشعارات التضامنية، بل بدأ ينحرف نحو الدعوة لتعطيل المرافق والمؤسسات الوطنية، وعرقلة الموانئ، في انسجام مريب مع أجندات خارجية لم تعد تخفي عداءها للمغرب واستقراره. هذه النزعة التخريبية المتسترة بغطاء التضامن تفتح الباب أمام سيناريوهات خطيرة تتجاوز حدود حرية التعبير إلى المساس بالمصالح الحيوية للمملكة.

الوضع الإقليمي لا يحتمل التلاعب. المغرب يواجه تحديات أمنية وتنموية كبرى، بدءاً من مؤامرات الجزائر العلنية، مروراً باستعدادات تنظيم كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، وصولاً إلى تسارع وتيرة الانتصارات الدبلوماسية في قضية الصحراء المغربية. وسط هذا الزخم، يطل علينا تحالف انتهازي يفتقر للرؤية، يحركه هوس العودة للسلطة بأي ثمن، حتى لو كان الثمن هو استقرار الوطن.

ما حدث مؤخراً في الأردن من تفكيك خلية إرهابية خططت لزعزعة الأمن القومي، يطرح سؤالاً محورياً: هل تنتظر الدولة وصول الخطر إلى أبوابها؟ حين يتعلق الأمر بالأمن القومي، لا مجال للمجاملة أو التراخي. هناك مؤشرات يجب قراءتها بذكاء، وتحركات ينبغي التصدي لها بحزم. الشارع ليس مفتوحاً للمغامرات السياسية، والمسيرات ليست منصة لتصفية الحسابات.

التضامن مع فلسطين لا يجب أن يتحول إلى مظلة لاختراق الدولة، ولا إلى أداة لإحياء أجندات أيديولوجية أفلست انتخابياً وتبحث اليوم عن شرعية بديلة. على الدولة أن تضع حداً لهذا العبث المقنع، فالمعركة ليست فقط على الحدود، بل في الداخل أيضاً، حيث تسعى بعض الأطراف لزرع الفوضى تحت غطاء النضال.

1 78 زيارة , 1 زيارات اليوم

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *