راديو إكسبرس
البث المباشر
في مداخلة لها عبر القناة الأولى لتسليط الضوء على قانون العقوبات البديلة الذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من الثاني من غشت الجاري، أكدت السيدة ريما لبلايلي، مديرة التعاون والتواصل بوزارة العدل، أن هذا القانون يشكل خطوة مهمة ضمن مسار إصلاح شامل لمنظومة العدالة في المغرب، ويعكس تحولا عميقا في فلسفة العقاب نحو منطق أكثر إنصافا وفعالية.
أوضحت السيدة لبلايلي أن اعتماد قانون 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة يندرج في سياق سلسلة من الإصلاحات التي تعرفها المنظومة القضائية بالمغرب، وتشمل أيضا مراجعة المسطرة الجنائية، مدونة الأسرة، والمسطرة المدنية، وذكرت بأن هذه التوجهات ليست وليدة اللحظة، بل لها جذور في التوجيهات الملكية منذ سنة 2009، حين دعا جلالته إلى تطوير السياسة الجنائية والبحث عن بدائل للعقوبات السالبة للحرية.
وأكدت لبلايلي أن العقوبات البديلة تسعى إلى الانتقال من منطق العقوبة الزجرية إلى منطق إصلاحي، يهدف إلى إعادة إدماج المخالفين في المجتمع وتمكينهم من لعب دور إيجابي بدل تهميشهم داخل المؤسسات السجنية.
وأضافت أن هذه المقاربة تعكس إرادة سياسية واضحة في المغرب لبناء عدالة ذكية، منصفة، وإنسانية، قادرة على تحويل المخالفة إلى فرصة لبناء الفرد وإصلاحه، وليس فقط معاقبته.
وسلطت المسؤولة الضوء على أربعة أصناف رئيسية من العقوبات البديلة:
- العمل من أجل المنفعة العامة: مثل المساعدة في المؤسسات الاجتماعية أو المشاركة في حملات التشجير والنظافة.
- المراقبة الإلكترونية: عبر السوار الإلكتروني، مما يسمح للشخص بمواصلة حياته اليومية تحت رقابة محددة.
- فرض تدابير علاجية وتأهيلية: خاصة بالنسبة لمرتكبي الجنح المرتبطة بالإدمان، حيث يلزم المعني بالخضوع للعلاج أو برامج لإعادة الإدماج.
- الغرامات اليومية: كتعويض عن قضاء مدة الحبس.
وأشارت لبلايلي إلى أن جوهر هذه العقوبات هو أنها لا تقوم على الحرمان من الحرية، بل على الإصلاح وإعادة البناء، ما من شأنه أن يحدث تغييرا حقيقيا في نظرة المواطن إلى العدالة والعقوبة.
وفيما يتعلق بالأهداف المنتظرة من تطبيق القانون، شددت لبلايلي على أن تخفيف الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية ليس هو الهدف الأساسي، بل نتيجة طبيعية محتملة، الهدف الأعمق، كما تقول، هو إعادة تعريف وظيفة العقوبة في المغرب، بحيث تصبح وسيلة للإدماج بدل الإقصاء.
كما نبهت إلى أن القانون يخص فقط الجنح التي لا تتجاوز عقوبتها خمس سنوات، ولا يشمل الجرائم الخطيرة، ما يؤكد أن هناك توازنا بين ضرورة الردع والحماية الاجتماعية من جهة، وصون كرامة الإنسان وحقه في الإدماج من جهة أخرى.
أما عن التحديات المرتبطة بتنزيل القانون، فقد أشارت إلى وجود رهانين رئيسيين:
- الشق التقني: ويتعلق بالجهات المكلفة بتطبيق النص القانوني، وعلى رأسها القضاء، النيابة العامة، ومندوبية السجون، حيث يرتقب تنظيم تدريبات وتكوينات لضمان تطبيق سلس وفعال.
- الشق المجتمعي: وهو الأهم، حسب لبلايلي، ويتمثل في ضرورة تغيير العقليات داخل المجتمع، لينظر إلى مرتكبي الجنح البسيطة بعين الرحمة، مع الإيمان بأن الإدماج هو في حد ذاته عدالة.
في ختام مداخلتها، شددت السيدة ريما لبلايلي على أن قانون العقوبات البديلة يمثل نقلة نوعية في فلسفة العدالة المغربية، ويؤسس لنموذج جديد يقوم على التوازن بين الردع والإصلاح، ويعكس سعي الدولة لبناء عدالة منصفة، ذكية، وإنسانية، تخدم الفرد والمجتمع على حد سواء.
![]()







