العلاقة الجدلية بين الدين و السياسة.. “البيجيدي” كنمودج

العلاقة الجدلية بين الدين و السياسة.. “البيجيدي” كنمودج

- ‎فيواجهة, سياسة
files 12445CREATOR: gd-jpeg v1.0 (using IJG JPEG v62), quality = 100

راديو إكسبرس

البث المباشر

إن التيار السياسي الاسلامي في المغرب، ما فتئ يشجع الشعبوية ويريد الإبقاء على الأمية ويحارب العلوم الاجتماعية ( الفلسفة، علم الاجتماع، الآداب…) لأنها علوم تشجع على استخدام العقل وترفض الجاهز من الأحكام…

فوسط عالم آلسياسة، لا تتوقف التحديات عند درجة توازن القوى وتوزيع النفوذ، بل تمتد لتشمل استراتيجيات جديدة قد تكون أكثر تأثيرًا على النفوس والعقول،وتتجلى أحد أبرز هذه الاستراتيجيات التي شهدناها في العديد من الحملات الانتخابية هو استغلال الدين، فالدين، باعتباره من أقدس وأعمق الروابط في المجتمعات، يصبح أداة للسياسيين، إذ يوظفونه ليس فقط كوسيلة لبناء الولاء، بل أحيانًا كأداة لفرض الهيمنة على إرادة الناخبين.

ففي السياق المغربي،نتخد حزب العدالة والتنمية كنمودج، هذا الأخير الذي شكل قاعدة شعبية بناها على الخطاب الديني، هذا الحزب الذي نشأ تحت ظل الحركات الإسلامية في المغرب، نجح في الحصول على تأييد الناخبين من خلال خطاب ديني خلال الحملات الانتخابية،حيث كان يُروج لأيديولوجية الحزب على أنها تمثل الدين المعتدل، ما جعل بعض الناخبين الضعفاء فكريا يعتبرون التصويت له بمثابة “مؤازرة للدين الإسلامي” في السياسة،نظرا لكون المجتمع المغربي غالبا ما يبدي إعجابه “بالشخص الذي يرتاد المسجد كثيرا”،لذلك حين تقترب الانتخابات يصبح جميع السياسيين “الإخونجية” يرتادون المساجد.

هذا التوظيف لا يقتصر فقط على العدالة و التنمية، فهناك حركات سياسية، وإن كانت أقل تأثيرًا، قد استخدمت الدين في مخاطبة المواطن المغربي، مما يعكس نوعًا من المنافسة على “الشرعية الدينية” في الساحة السياسية،و أبرز مثال واقعي هو حركة “العدل و الإحسان”،التي تتخد من الدفاع عن الدين مسلكا من أجل الوصول للسلطة.

received 274634769867641

و تتعدد أساليب و أدوات توظيف الدين في السياسة،حيث تتجلى أبرزها:

الخطاب الديني في المساجد والمناسبات الدينية:
خلال الحملات الانتخابية، يحرص بعض السياسيين على المشاركة في الخطب التي تُلقى في المساجد، خصوصًا خلال شهر رمضان، أو في مناسبات دينية خاصة، ليوجهوا رسائلهم السياسية مباشرة إلى الجمهور. هذا النوع من الأنشطة قد يُترجم على أنه دعم ديني للمرشح، وبالتالي تعميق الرابط بين الديني والسياسي.

التأكيد على القيم الدينية في البرامج الانتخابية:
العديد من الأحزاب التي تمثل الخط الإسلامي تسعى إلى التأكيد على أنها الأقرب إلى القيم الدينية. فالتأكيد على العدالة الاجتماعية، محاربة الفساد، والاهتمام بالمؤسسة الدينية يشكل جزءًا أساسيًا من خطاباتهم السياسية.

استخدام رجال الدين في حملات الدعم:
في بعض الأحيان، قد يلجأ السياسيون إلى دعوة رجال الدين المعروفين للمشاركة في تأييد حملاتهم الانتخابية، خاصة إذا كانوا يحظون بشعبية بين فئات واسعة من الشعب. يُعتبر هذا دعماً دينيًا مباشراً لحملاتهم، ما يجعل من الصعب الفصل بين الانتخابات والاعتبارات الدينية.

 

و الخطير في الأمر،أنه عندما يصبح الخطاب الانتخابي دينيًا، يولد لدى المواطن شعور على أن تصويته ليس مجرد اختيار بين برامج سياسية، بل هو “اختيار ديني” يقترن بحالة من التقديس أو التبعية،كما أن استعمال الدين للوصول إلى السلطة،يُحول الدين من عنصر روحاني وأخلاقي إلى أداة سياسية، وهذا يمس بالجوهر الروحي للدين ويجعل من الصعب التمييز بين الخطاب الديني والخطاب السياسي.

و ما يزيد من خطورة هذا الاستغلال،هو تأثيره على التلاحم الوطني و الوحدة الوطنية، فقد يؤدي تزايد التوظيف السياسي للدين إلى تهميش الفئات غير المتدينة أو تلك التي لا تنتمي إلى التيار الديني السائد مما يهدد التماسك الاجتماعي وقد يؤدي إلى استقطاب داخلي.

إن السلوك السياسي عند العدالة والتنمية،لا يختلف عن نظيره لدى جل الاحزاب التي تستغل الدين في السياسة، وبالتالي فنهايتها تكون متشابهة…وتنطبق عليها مقولة أبرهام لينكولن ” يمكن أن تخدع كل الناس بعض الوقت، وبعض الناس كل الوقت، لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت”.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *