تواجه مدينة القنيطرة أزمة حضرية متعددة الأبعاد، تتجلى يوميًا في تدهور المشهد العام، وتراكم مظاهر الإهمال في عدد من القطاعات الأساسية. ورغم التصريحات المتكررة للمسؤولين عن وجود فائض مالي في ميزانية الجماعة، إلا أن الواقع يعكس صورة مختلفة تمامًا، حيث يشتكي السكان من تدهور جودة الحياة، وسط غياب حلول ملموسة.
المدينة التي تُعد من أبرز الحواضر شمالي الرباط، تعاني من انتشار الأزبال في الشوارع، وتكاثر الحشرات في الأحياء السكنية، إلى جانب عودة ظاهرة الكلاب الضالة بشكل لافت، ما جعل السلامة الجسدية للمواطنين مهددة في أكثر من منطقة. شكاوى المواطنين تزايدت خلال الأشهر الأخيرة، خصوصًا بعد تسجيل حالات اعتداء من كلاب سائبة على المارة، في غياب أي تدخل ميداني للسلطات المحلية أو برامج للحد من الظاهرة.
وإلى جانب الوضع البيئي المتدهور، تعيش القنيطرة على وقع تراجع كبير في البنية التحتية للطرق. الحفر باتت السمة الأبرز لمعظم الشوارع، بما فيها الرئيسية، في وقت تفتقر فيه العديد من الأحياء إلى الإنارة العمومية، ما يزيد من شعور السكان بعدم الأمان، خاصة خلال فترات الليل.
ورغم هذه الاختلالات الميدانية، يواصل الخطاب الرسمي لجماعة القنيطرة تقديم أرقام مالية عن فائض الميزانية، دون ربط مباشر مع مشاريع تحسين الخدمات الأساسية. رئيسة المجلس الجماعي تحدثت مرارًا عن “إنجازات مالية غير مسبوقة”، معتبرة أن الجماعة نجحت في تحقيق توازن مالي، لكن دون أن توضح كيف سينعكس هذا الفائض على واقع النظافة، الطرق، أو إنارة الأحياء.
متابعون للشأن المحلي يرون أن هذا التناقض يعكس غياب رؤية واضحة لدى المجلس الجماعي، الذي يركز على الترويج الإعلامي بدل تقديم حلول واقعية. كما يشيرون إلى أن هذا الفائض المعلن لا يعود إلى تدبير فعّال، بل إلى ترحيل اعتمادات مالية لم تُصرف في السنوات السابقة، ما يجعله “فائضًا حسابيًا” أكثر منه نتيجة حكامة.
السكان من جهتهم، لم يعودوا مهتمين بلغة الأرقام، بل ينتظرون تدخلات فورية لتحسين أوضاعهم اليومية. فمدينة بحجم القنيطرة، وبعدد سكان يتجاوز نصف مليون نسمة، لا يُعقل أن تعاني من انتشار الكلاب الضالة، وانعدام الإنارة، وحفر تهدد حياة السائقين، بينما تستمر الجماعة في الحديث عن انجازات وهمية.
المدينة اليوم لا تحتاج إلى ترويج “الإنجازات” عبر التصريحات، بل إلى تدخل ميداني عاجل يعيد الاعتبار للخدمات الأساسية. فالمواطن القنيطري لم يعد يقبل بمزيد من الوعود، بل ينتظر من المنتخبين ترجمة مسؤولياتهم إلى أفعال.
1 220 زيارة , 1 زيارات اليوم