راديو إكسبرس
البث المباشر
اوسار احمد
في عالم تتزايد فيه التحديات الأمنية والضغوط الاقتصادية والاجتماعية، يبرز المغرب كنموذج نادر يجمع بين الاستقرار والتنمية، ويحقق تقدماً ملموساً على المستويين الإقليمي والدولي. تقرير مؤسسة “غالوب” الأمريكية حول السلامة لعام 2025 يؤكد هذا الواقع بوضوح، إذ سجل المغرب 78 نقطة في مؤشر “القانون والنظام”، متقدماً على متوسط منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومتجاوزاً جيراناً إقليميين مثل تونس والجزائر، مما يعكس قدرة المملكة على توفير بيئة آمنة ومستقرة لمواطنيها.
لكن هذه الأرقام ليست مجرد أرقام على ورق. فهي انعكاس مباشر لما يشعر به المواطن المغربي يومياً في حياته اليومية. فحسب التقرير، يشعر 68٪ من المغاربة بالأمان أثناء تنقلهم ليلاً في أحيائهم ومدنهم، وهو شعور يتجاوز بكثير ما هو موجود في بعض دول القارة الإفريقية وأمريكا اللاتينية، حيث لا تتجاوز نسب الأمان 50٪. هذه النسبة تعكس الثقة المتزايدة في المؤسسات الأمنية وقدرتها على حماية الناس من أي خطر، وهي رسالة مهمة عن فعالية السياسات التي وضعتها الدولة لتعزيز الطمأنينة لدى المواطن.
عند مقارنة المغرب بدول أخرى في المنطقة، تتضح الصورة الإيجابية أكثر. فبينما سجلت تونس 74 نقطة والجزائر 71، حقق المغرب 78 نقطة، مما يضعه في موقع قيادي يعكس التقدم في بناء الثقة بالمؤسسات وتحسين جودة الحياة اليومية. هذا التوازن بين الأمن والتنمية لا يتحقق صدفة، بل هو نتيجة رؤية واضحة وسياسات عملية تعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، حتى في ظل بيئة إقليمية مليئة بالتحديات والصراعات.
المثير للإعجاب أن المغرب يحقق هذا التوازن في زمن يشهد فيه العالم أعلى مستويات النزاعات المسلحة منذ الحرب العالمية الثانية. ورغم هذه المعطيات، لا يزال شعور السكان بالأمان في المملكة يتجاوز المعدلات الإقليمية ويقترب من المتوسط العالمي، وهو دليل على نجاح السياسات الأمنية والاجتماعية في تعزيز الطمأنينة والشعور بالأمان لدى الناس في حياتهم اليومية.
المغرب يقدم أيضاً مثالاً رائعاً على ربط الأمن بالتنمية البشرية. فمؤشر “القانون والنظام” يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمؤشرات أخرى مثل متوسط العمر المتوقع، ومعدلات النمو الاقتصادي، ومستوى العنف بين الأفراد، مما يعكس قدرة الدولة على التوفيق بين الأمن والتنمية في آن واحد. ويشير تحليل مركز التعاون الدولي بجامعة نيويورك إلى أن العنف بين الأفراد غالباً ما يكون نتيجة ضعف السياسات الأمنية الداخلية، وليس النزاعات المسلحة، ما يجعل تجربة المغرب نموذجية في الحد من الجرائم وتعزيز شعور الأمان.
النجاحات المغربية تحمل رسائل إيجابية للمنطقة والعالم: أن الأمن ممكن حتى في بيئة إقليمية معقدة، وأن الثقة بالمؤسسات ليست شعارات فقط بل واقع ملموس، وأن التنمية الاقتصادية والاجتماعية تعزز السلامة العامة وتحد من العنف. وفي هذا السياق، يقدم المغرب نموذجاً يُحتذى به على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وحتى عالمياً، كدولة ومجتمع يتكاتفان لبناء بيئة آمنة ومستقرة، قادرة على مواجهة تحديات العصر.
اليوم، المغرب ليس مجرد بلد يحافظ على مستويات معقولة من الأمان، بل هو مثال متقدم في التوازن بين الأمن والتنمية والثقة بالمؤسسات. وهذه النتائج لم تأتِ من فراغ، بل هي ثمرة رؤية واضحة وسياسات عملية ترتكز على الإنسان وحياته اليومية، لتضع المملكة في طليعة الدول الإقليمية وتثبت أن الاستقرار والتقدم يمكن أن يكونا حقيقة ملموسة وليسا مجرد أحلام.
![]()









