سرديات موجهة تستغل مأساة غزة وتعيد تشكيل مشهد التحريض العربي

سرديات موجهة تستغل مأساة غزة وتعيد تشكيل مشهد التحريض العربي

- ‎فيمجتمع, واجهة
IMG 20250803 WA0012

راديو إكسبرس

البث المباشر

 

اوسار احمد/

قدّمت الصحفية نجيبة جلال، مديرة نشر “إكسبريس تيفي”، حلقة خاصة من برنامجها “حديث الكنبة”، اختارت فيها مقاربة غير مألوفة لموضوع أصبح عنوانًا دائمًا في الشاشات والمنصات: غزة. لكن نجيبة جلال لم تكتفِ بالتضامن، بل ذهبت أبعد، لتفكك سردية متكاملة تتجاوز حدود القضية الفلسطينية نحو مشروع إقليمي يستغل المأساة لصناعة حالة تحريض منظم ضد الدول العربية، وفي مقدمتها مصر والمغرب.

وكعادتها، تحلت نجيبة بقدر كبير من الجرأة والشجاعة في طرح حقائق يتجاهلها كثيرون. لم تتردد في تسمية الجهات، كشف الروابط، وتسليط الضوء على ما يدور خلف الكواليس الإعلامية والسياسية، في مشهد تختلط فيه الدموع بالحسابات، وتتوارى فيه الأجندات خلف مشاهد إنسانية مفجعة.

الحلقة اتخذت من التصعيد الإعلامي ضد مصر نقطة انطلاق، لتكشف أن الاتهامات الموجهة للقاهرة بشأن معبر رفح، والحصار، ومنع المساعدات، لا تعكس الواقع بقدر ما تُخدم سردية تُعاد صناعتها كل مرة باسم المقاومة. شهادات من قيادات حماس، ويوتيوبرز مصريين معروفين بانتمائهم الإخواني، ومشاهد منتقاة بعناية لمآسي إنسانية، كانت كلها حاضرة كأدوات تعبئة عاطفية، يتم تسويقها عبر منصات ذات توجه واضح، مثل “الجزيرة مباشر” و”عربي21″، بهدف خلق موجة غضب موجهة نحو الأنظمة، لا الاحتلال.

نفس النموذج، حسب ما عرضته نجيبة، بدأ يظهر في المغرب، حيث تحوّلت بعض الأصوات، المعروفة سابقًا بخطاب يساري أو محايد، إلى منابر تدافع عن حماس، تمجّد إيران، وتهاجم الدولة تحت غطاء “نصرة فلسطين”. أسماء بعينها طُرحت في الحلقة، بينها قيادات سابقة في حزب العدالة والتنمية، مؤثرون على يوتيوب، وصحفيون يروّجون، بشكل مباشر أو غير مباشر، لسردية تنظيم الإخوان العالمي.

ولم تغب الإشارات إلى الدور القطري في تغذية هذا الخطاب، عبر تمويل قنوات ومراكز بحثية، أبرزها “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، الذي يديره عزمي بشارة، وتُعتبر مخرجاته مرجعية أساسية لعدد من الأصوات المؤثرة في العالم العربي. الحلقة سلطت الضوء كذلك على التناقض الصارخ بين الصمت عن سياسات إيران وتركيا وقطر، والهجوم المنظم على دول عربية تسعى إلى الحفاظ على استقرارها.

التحذير الأهم في هذه الحلقة تمثل في الربط بين ما يحدث اليوم من تعبئة عاطفية رقمية، وما جرى قبيل 2011. استدعاء نفس الشعارات، نفس الأساليب، وربما نفس النتيجة، دفع جلال إلى طرح السؤال بوضوح: هل نحن أمام موجة جديدة من “الربيع العربي” ولكن بأدوات أكثر دقة؟ الوعي العام تغيّر، تقول جلال، لكن العاطفة لا تزال مدخلًا فعالًا لاختراق المجتمعات، خاصة حين تُوظف باسم القضايا العادلة.

ودعت نجيبة جلال إلى استعادة الخطاب الوطني المتزن، وفضح الجهات التي تتخفى خلف ستار الدعم الإنساني لترويج مشاريع لا تعترف بالدول ولا بسيادتها. سردية “المقاومة” كما تم توظيفها، لم تعد مشروع تحرير، بل مشروع اختراق ناعم، تُدار فصوله من خارج الحدود، وتُنفذ بأدوات داخلية، إعلامية ورقمية، تعمل على زعزعة الوعي، قبل الاستقرار.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *