مكتب القنيطرة/
أسدلت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة الستار على واحد من أكثر الملفات التي أثارت جدلا واسعا في المدينة، بعد أن أصدرت مساء أمس أحكاما صارمة في حق المتهم الرئيسي في قضية “الاستثمار الوهمي” الذي سقط في شباكه العشرات من الضحايا.
القاضية نعيمة ازديك أدانت المتهم بعشر سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 100 ألف درهم في الملف الأول، وبست سنوات حبسا نافذا وغرامة قدرها 5000 درهم في ملف ثان مرتبط بنفس القضية. مجموع الأحكام بلغ 16 سنة سجنا نافذا، دون احتساب ملفات أخرى ما تزال قيد التحقيق.
التحقيقات كشفت أن المعني بالأمر أقنع ضحاياه بالاستثمار في مشروعين، أحدهما شركة تسويق هرمي، والثاني مشروع سكني وهمي يحمل اسم “بريستيجيا”، وعدهم فيه بشقق مطلة على البحر بأسعار مغرية، وعائدات مالية كبيرة مقابل مساهمات نقدية مباشرة.
لكن سرعان ما ظهرت حقيقة المشروعين، بعدما بدأ الضحايا يطالبون باسترجاع أموالهم، لتتفجر القضية وسط موجة من الغضب والاستياء. المتهم اعتُقل بعد ورود عشرات الشكايات من سكان القنيطرة، ليحال على القضاء في أكثر من ملف، ما تزال بعضها في طور البحث.
الضحايا، وهم من فئات هشة، فقدوا مدخراتهم. بين هؤلاء أرامل وباعة متجولون وأشخاص اقترضوا أموالا على أمل تحسين أوضاعهم، ليجدوا أنفسهم في مواجهة واقع قاسٍ. إحدى الأرامل، مصابة بالسرطان، لم تخف دموعها بعد الحكم، وقالت إنها فقدت ما كانت تعتبره أمل ابنها الوحيد للنجاة من الفقر.
آخرون طالبوا بالكشف عن باقي المتورطين في هذا المشروع الذي وصفوه بـ”الاحتيالي والمنظم”، وبتتبع مصير الأموال التي تم جمعها.
ترقب كبير يسود بين المتضررين بخصوص مآل باقي الملفات، وسط دعوات باسترجاع الحقوق ومعاقبة كل من تورط في هذه الشبكة.
وتشهد عدد من المدن المغربية تنامياً مقلقاً لظاهرة الشركات الوهمية والتسويق الهرمي، التي تتخفى خلف شعارات الاستثمار السريع والربح المضمون. هذه الكيانات غالباً ما تنشط خارج أي إطار قانوني واضح، وتستهدف فئات واسعة من الشباب والعاطلين وربات البيوت، مستغلة طموحاتهم في تحسين أوضاعهم المالية. تعتمد هذه الشركات على خطط إحالة مبنية على تجنيد مشاركين جدد مقابل عمولات، وليس على بيع خدمات حقيقية، ما يحوّلها عملياً إلى نماذج نصب مقنّعة. وفي غياب رقابة مالية صارمة، ومتابعة قضائية ناجعة، تستمر هذه الأنشطة في حصد ضحايا جدد، يتورطون في دفع أموال طائلة دون الحصول على أي مقابل فعلي. وقد رصدت تقارير حقوقية عشرات الحالات التي لم تستطع استرجاع أموالها، وسط فراغ قانوني وتأخر في محاسبة المتورطين.