بنكيران أمين عام برتبة شّمكار

بنكيران أمين عام برتبة شّمكار

- ‎فيمجتمع, واجهة
IMG 20250502 WA0002

 

 

أيام قليلة على إعادة انتخاب عبد الإله بنكيران اميناً عاما لحزب العدالة والتنمية وعودته إلى واجهة المشهد السياسي، حتى سارع إلى استعراض عضلاته الكلامية من على منصة فاتح ماي، لا ليقترح حلولاً أو يفتح أفقاً جديداً، بل ليمارس عادته القديمة: توزيع الشتائم، إطلاق التصنيفات، وخلق الزوابع المجانية.

في خطاب لا يليق بزمن الأزمات ولا بمنصب المسؤولية، اختار بنكيران أن يصف جزءاً من المغاربة بـ”الحمير”. هكذا، دون خجل أو احترام، شتم من يضعون مصلحة الوطن فوق أي أجندة خارجية. شمل في هجومه كل من تجرأ على مناقشة العلاقات مع إسرائيل، وكل من رفض الانجرار وراء شعاراته الشعبوية المكررة. لم يستثنِ حتى من يختلف معه فكرياً. الجميع عنده “حمير”، ما داموا لا يسيرون في فلكه.

لم يكن هذا الخطاب زلة لسان. بل كان موقفاً مقصوداً. بنكيران لم يصعد إلى المنصة ليمثل حزبه، بل ليشبع غروره. أراد إثارة الجدل، لا أكثر. تاجر بالكلام الرخيص ليصنع طنيناً إعلامياً، على طريقة “روتيني اليومي”. الفرق الوحيد أنه استبدل الجسد بالسب، والمحتوى الفارغ بالخطاب الفارغ.

بنكيران مجرد صدى لصراخ متكرر، يعيش على أمجاد الماضي، ويتغذى على الاستفزاز، ظناً منه أن الشتيمة تساوي القوة، وأن الجدل المصطنع دليل على الزعامة. لكن الزعامة لا تُبنى على الإهانة. والمصداقية لا تُستعاد بإطلاق أوصاف مهينة على من يختلفون معك.

المشكلة ليست في الوصف وحده، بل في عقلية ترى في الشعب خصماً إن لم يصفق، وعدواً إن لم يطأطئ الرأس. عقلية ترفض النقاش، وتتعامل مع السياسة بمنطق القطيع: من لم يتبعني، فهو غبي أو خائن أو “حمار”.

هذا المستوى من الخطاب يضعنا أمام أزمة أعمق من مجرد تصريح أرعن. نحن أمام أمين عام لحزب كان يوماً في صدارة المشهد، يتحدث بأسلوب لا يليق حتى بجلسة مقهى. فكيف يُنتظر منه أن يقدم رؤية؟ أو أن يقود مشروعاً سياسياً؟ أو أن يلهم ثقة الشارع من جديد؟

بنكيران، في خطابه الأخير، لم يسقط سهواً. بل كشف عن حقيقة: رجل يرفض مغادرة المسرح، ولو على حساب الكرامة السياسية. رجل يظن أن الصراخ يغني عن الفعل، وأن الشتيمة تغني عن البرنامج. لكن ما لا يفهمه بنكيران، أن المغاربة، الذين يصفهم بالحمير، أصبحوا أكثر وعياً من أن يُخدعوا بالكلام الفارغ.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *