التوحيد والإصلاح تُنسق مع العدل والإحسان لإحياء المشروع الإخواني في المغرب

التوحيد والإصلاح تُنسق مع العدل والإحسان لإحياء المشروع الإخواني في المغرب

- ‎فيمجتمع, واجهة
Capture decran 2025 04 25 020226

 

اوسار احمد/

رغم أنها تقدم نفسها كحركة دعوية، إلا أن حركة التوحيد والإصلاح في المغرب تتحرك باعتبارها الذراع التنظيمي غير المعلن لحزب العدالة والتنمية، وتعمل ضمن منظومة منسقة تهدف لإعادة تشكيل الفضاء العمومي والمؤسساتي بما يخدم مشروعًا سياسيا محددًا. هذه العلاقة تتجاوز التقاطع الفكري أو التنسيق العرضي، لتصبح جزءًا من بنية واحدة يصعب فصل عناصرها، ما يطرح سؤالًا جديًا حول مدى التزام الحركة بالعمل المدني المستقل عن التوجيه الحزبي.

إعلان يمكن النقر عليه

الحركة لا تكتفي بالعمل داخل المساجد أو عبر الدروس الدينية، بل تبني حضورها داخل الجامعات والنقابات والمهن الحرة، من خلال واجهات موازية كمنظمة التجديد الطلابي ومنتدى الكرامة. هذه الكيانات لا تشتغل بشكل منفصل، بل تُدار ضمن رؤية موحدة تستهدف إنتاج فئة اجتماعية مسيّسة باسم الدين، ومؤطرة على قواعد الولاء للجماعة، لا للدولة. يتم تشكيل هذا الولاء مبكرًا، عبر برامج تربوية وتكوينية تربط التدين بالانخراط السياسي، وتعيد تفسير مفاهيم المواطنة والشرعية من منظور حزبي صرف.

في انتخابات 2016، لم تتردد الحركة في تجاوز الإطار القانوني الواضح، من خلال تنسيق غير معلن مع جماعة العدل والإحسان المحظورة. هذا التحالف الذي تم في الخفاء يكشف عن استعداد داخلي لتجاوز الخطوط الحمراء متى تطلب الأمر ذلك، ويطرح إشكالًا جوهريًا حول مواقف الحركة من القوانين والمؤسسات، حين تكون هذه المؤسسات خارج سيطرة التيار السياسي الذي تنتمي إليه. في الواقع، لا يتعلق الأمر بمجرد خرق انتخابي، بل بنزعة كامنة تسعى لتقويض بنية الدولة نفسها لصالح مشروع بديل.

ما يضاعف من خطورة هذه الحركة هو نموذج الولاء الذي تُعيد إنتاجه داخل المجتمع. فالمنخرط في هذه التنظيمات لا يرى في الدولة مرجعية ثابتة، بل يراها أداة انتقالية تخضع للتفاوض والتوظيف. يُعاد استنساخ تجربة جماعة الإخوان المسلمين في نسختها المغربية، لكن بأدوات أكثر نعومة وأقل صدامًا، دون أن يقل المشروع خطورة. فالتكتيك تغير، لكن الهدف ظل نفسه: إعادة صياغة الدولة من الداخل، بإيقاع بطيء ومنهجية مؤسساتية محكمة.

التجربة المصرية تقدم مشهدًا واضحًا لما قد يحدث عندما تتمكن مثل هذه التنظيمات من مفاصل الدولة. في ظرف عام واحد، سيطر الإخوان على الإعلام، طوعوا القضاء، عطّلوا الاقتصاد، وفرضوا خطابًا أحاديًا أقصى كل ما يخالفه. تدخل الجيش وقتها لم يكن خيارًا أيديولوجيًا، بل ضرورة لإنقاذ الدولة من التفكك. في الأردن، اختارت السلطات قرارًا أكثر وقائية، فحظرت جماعة الإخوان بعد التأكد من تهديداتها الأمنية واستعداداتها المسلحة.

في المغرب، المشهد أكثر هدوءًا، لكنه لا يقل إلحاحًا. حركة التوحيد والإصلاح تتحرك داخل المجتمع بحرية كاملة، مدعومة بتساهل قانوني وغموض تنظيمي يسمح لها بالتمدد من دون مساءلة. الخطر لا يكمن فقط في ما تقوم به الحركة اليوم، بل في ما تهيئ له على المدى البعيد، ضمن مشروع يبدو ناعمًا من الخارج، لكنه يُعيد إنتاج منطق التنظيمات الموازية التي تهدد منطق الدولة الوطنية الحديثة.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *