متى تتحوّل النقابة إلى درع للوطن بدل أن تكون معبرًا للتمويلات الغامضة؟

متى تتحوّل النقابة إلى درع للوطن بدل أن تكون معبرًا للتمويلات الغامضة؟

- ‎فيسياسة, واجهة
Capture decran 2025 04 21 230250

 

نجيبة جلال /

في لحظة إقليمية دقيقة، ومع ما يحيط بالمغرب من حملات تشويه ناعمة وصدامات إعلامية مقنّعة، كان من المنتظر أن تتصرف النقابة الوطنية للصحافة المغربية بحس سيادي عالٍ، وأن تكون في طليعة المدافعين عن حرمة الحقل الإعلامي المغربي. لكنها اختارت، ويا للمفارقة، أن تفتح ذراعيها لما يسمى بـ”المركز القطري للإعلام”،.
هذا اللقاء، الذي تم الترويج له تحت يافطة “التعاون المهني والتكوين”، لا يمكن عزله عن سياق سياسي وإعلامي إقليمي مشحون، ولا عن الدور المزدوج الذي تلعبه بعض المؤسسات الإعلامية القطرية في تغذية النزعات الانفصالية، واستضافة أصوات مأجورة تعادي وحدة المغرب واستقراره.
قطر، الدولة التي لا توجد فيها نقابة للصحافيين، ولا أي شكل من أشكال التمثيل المهني المستقل، تسعى اليوم، عبر هذا المركز، إلى ترويج خطاب “الدعم” و”التكوين” في الساحة الإعلامية المغربية. والسؤال الذي لا يمكن تجاوزه هو: من يدعم من؟ وبأي شروط؟ وهل نستقبل بأذرع مفتوحة مؤسسة لا مرجعية لها إلا التبعية السياسية، وتاريخها القريب لا يخلو من بصمات تحريض وتأجيج وانحياز فجّ في ملفات عربية حساسة، من مصر إلى ليبيا، مرورًا بسوريا وتونس؟
فكيف تقبل النقابة أن تجلس على طاولة واحدة مع مركز لا يوجد مثله داخل قطر نفسها، حيث لا نقابة ولا حرية إعلامية بالمعايير المتعارف عليها دوليًا؟ أليس هذا تناقضًا صارخًا مع المبادئ التي تأسست عليها النقابة؟ كيف تبرر لنفسها فتح بوابة، قد تُستعمل لاحقًا لتوجيه الصحافيين وتمويل البرامج وتدجين الأصوات؟
لقد كان رئيس الوزراء القطري الأسبق، حمد بن جاسم، واضحًا في إحدى خرجاته حين تحدث عن الدور القطري في تمويل صحافيين وتحويلهم إلى “رموز وطنية” في بلدانهم لخدمة أجندات مرسومة. لم ينكر، بل افتخر بذلك، واعتبره من أدوات النفوذ الناعمة التي تستخدمها الدوحة. فهل نحتاج إلى مزيد من الأدلة حتى نفهم أن الأمر يتجاوز “دورة تكوينية” أو “بروتوكول شراكة”؟
إنها لحظة صدق حقيقية أمام النقابة الوطنية للصحافة المغربية. فإما أن تختار موقعها الطبيعي كدرع للمهنة وللوطن، وإما أن تصمت، وتفسح المجال لاختراقات ناعمة ستضعف ما تبقى من مصداقية، وتربك المشهد المهني والسيادي على حدّ سواء.
لسنا ضد الانفتاح، ولسنا مع الانغلاق. لكننا ضد كل محاولة لاختراق إعلامنا تحت غطاءات براقة. والمغرب، الذي صنع مكانته بسيادته الإعلامية ومصداقية خطابه، لا يحتاج إلى تكوينات مشبوهة، ولا إلى تمويلات مسيّسة، ولا إلى رموز مصنوعة في الاستوديوهات القطرية.
من واجبنا اليوم أن نرفع الصوت عالياً: كفى من التلاعب بالمهنة، وكفى من إقحام الجسم الصحافي في معارك ليست له. فليُفتح النقاش، وليتوقف الاستغباء.
و يبقى على رئيس النقابة، عبد الكبير خشيشن، أن يوضح للرأي العام: هل نحن أمام محاولة بناء علاقات مهنية متكافئة؟ أم بصدد فتح بوابة قد تُستعمل لاحقًا لتمرير التمويلات، والهيمنة الناعمة، وتوجيه الصحافيين المغاربة من خلف الستار؟

1 61 زيارة , 1 زيارات اليوم

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *