اوسار احمد/
وجه مولاي هشام المهاجري، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، انتقادات واضحة لما وصفه بثقافة التلميع والتطبيل داخل العمل السياسي. وأكد أن الحزب لا يحتاج إلى الشعارات بقدر ما يحتاج إلى مناضلين من مختلف الخلفيات، مستعدين للعمل والانخراط الجاد. واعتبر أن نجاح الأحزاب لا يُقاس بالمظاهر أو التسويق، بل بالقدرة على خوض معارك حقيقية تقود إلى التغيير، مبرزاً أن مساره السياسي الشخصي يعكس هذه القناعة، وأن الانتماء الحقيقي يتطلب الصدق والمواجهة لا المجاملة.
في مداخلته بندوة حول الجهوية المتقدمة نظمت ببني ملال، شدد المهاجري على أن حزب الأصالة والمعاصرة لا يسعى لخطاب جماهيري يُرضي الحشود، بل لتحمّل المسؤولية والمحاسبة. واعتبر أن الجهوية ليست فكرة جديدة، بل امتداد لمسار تاريخي بدأ منذ عهد الحسن الثاني وتطور تدريجياً، خاصة في الأقاليم الجنوبية التي لطالما شكلت نموذجاً في التماسك بين الدولة والمجتمع. وأكد أن هذه الجذور تمنح الجهوية المغربية طابعاً خاصاً يتجاوز الأبعاد الإدارية.
وتحدث عن تفاوتات في تطبيق الجهوية منذ السبعينات، بين رؤساء جماعات يفتقدون للاستقلالية وبين آخرين أظهروا قدرة على تدبير الشأن العام بكفاءة. وأشار إلى أن هذا التفاوت يؤثر بشكل مباشر على التنسيق بين الجهات والسلطات المركزية، لافتاً إلى أن التنزيل الدستوري بقي ضعيفاً رغم التنصيص على الجهوية الموسعة. وعلل ذلك بغياب رؤية سياسية واضحة، وبالعقليات التي ما زالت تدور في فلك المركزية رغم النصوص القانونية.
ولم يكتف المهاجري بتوصيف الإشكال، بل كشف عن مظاهر خلل في توزيع الاختصاصات بين الجماعات والوزارات، خاصة في مجالات مثل التعليم والتكوين المهني، حيث يغيب التوضيح بشأن من يتحمل المسؤولية، ما يخلق حالة من الغموض والإرباك. وأكد أن إسناد المهام إلى الجماعات يجب أن يُواكب بتمويل واضح وبآليات تنفيذ دقيقة، حتى لا تتحول الجهوية إلى شعارات بدون أثر فعلي في حياة المواطنين.
وعبّر المهاجري في ختام مداخلته، عن خيبة أمله من أداء الحكومة السابقة التي رغم إصدارها لعشرات المراسيم، لم تنجح في بناء نموذج جهوي فعال. ودعا إلى إعادة ترتيب الأولويات، وتشكيل لجنة وطنية تُشرف على بلورة تصور استراتيجي شامل للتراب الوطني. وشدد على التزام حزب الأصالة والمعاصرة بالدفاع عن هذا الورش في الحكومة المقبلة، مؤكداً أن الجهوية ليست خياراً تقنياً بل رافعة أساسية لتحديث الدولة وتحقيق العدالة المجالية.