جيل زد بين مطرقة المعارضة وسندان الواقع….عندما يحاول السياسيون ركوب الموجة

جيل زد بين مطرقة المعارضة وسندان الواقع….عندما يحاول السياسيون ركوب الموجة

- ‎فيرأي, واجهة
جيل زد

راديو إكسبرس

البث المباشر

سميرة بار – إكسبريس تيفي الرباط

في الأونة الأخيرة، أصبح جيل زد (Generation Z)، أي الشباب المولودين تقريبًا بين عامي 1995 و2012، محور اهتمام غير مسبوق من قبل القوى السياسية، سواء كانت حاكمة أو معارضة. ومع تصاعد نشاط هذه الفئة على منصات التواصل الاجتماعي، وتزايد مشاركتها في القضايا المجتمعية والسياسية، بدأت أحزاب المعارضة في العديد تحاول استغلال هذا الحراك لصالحها، على أمل كسب الأصوات والفوز في صناديق الاقتراع تحت شعار “تمثيل صوت الشباب الباحث عن غدٍ أفضل”.

لكن ما لم تحسب له المعارضة حسابًا هو أن جيل زد لا يُقاد بسهولة، ولا يثق بالخطابات التقليدية ولا بالشعارات الفارغة، بل يتعامل مع الواقع بعين ناقدة وبأسلوب مختلف تمامًا عن الأجيال السابقة.

محاولة ركوب الموجة

في خضم المظاهرات والحملات الرقمية التي يقودها الشباب، حاولت بعض الأحزاب المعارضة أن تظهر بمظهر الحليف الطبيعي لهؤلاء الشباب.
فأطلقت وعودًا براقة بالإصلاح، وتبنت هاشتاغات شبابية، وأرسلت رموزها السياسية إلى منصات التواصل للتقرب من هذه الفئة، بل حتى عدلت خطابها لتبدو “حديثة” و“مواكبة للتطور”.

هذه المحاولات بدت في ظاهرها دعمًا للشباب، لكنها في باطنها كانت محاولة لركوب الموجة واستثمار الزخم الشعبي لصالح أهداف انتخابية.
المعارضة رأت في تحرك جيل زد فرصة ذهبية لإضعاف الحكومة القائمة وكسب تعاطف الشارع.

جيل لا يُشترى بالشعارات

لكن جيل زد لم يقع في الفخ، فهو جيل نشأ في عالم مفتوح، يرى ويقارن ويتحقق من المعلومات بنقرة واحدة.
هذا الجيل يرفض الوصاية السياسية، ويشكك في كل جهة تحاول استغلاله، سواء كانت سلطة أو معارضة.

في العديد من الحالات، كان رد الشباب واضحًا:

لسنا أدوات لأحد، نطالب بالتغيير الحقيقي، لا باستبدال وجوه قديمة بأخرى لا تقل عنها انتهازية…..نريد تدخل “جلالة الملك”…..”نثق فقط في الملك”.

لقد شاركوا في النقاشات، نظموا حملات رقمية مستقلة، وطرحوا أفكارًا جديدة تتجاوز الانقسامات الحزبية التقليدية. بالنسبة لهم، القضية ليست من يحكم، بل كيف يُحكم.

الوعي السياسي الجديد

جيل زد يتميز بوعي سياسي مختلف، فهو لا يكتفي بالوعود، بل يطالب بخطط ملموسة، ويحاسب من يخالف كلمته بسرعة وبصوت مرتفع عبر المنصات الرقمية.
كما أن اهتماماته ليست فقط سياسية بمعناها الضيق، بل تمتد إلى قضايا تهم المجتمع بأكمله.

وهذا ما جعل محاولات المعارضة لكسبهم عبر الطرق التقليدية تصطدم بجدار من الوعي والشك، فجيل زد لا يبحث عن زعيم جديد بقدر ما يبحث عن منظومة جديدة تضمن له مستقبلاً أفضل.

محاولات المعارضة لاستغلال حراك جيل زد قد تمنحها بعض الزخم المؤقت، لكنها لن تؤدي إلى نتائج حقيقية ما لم تُحدث هذه المعارضة تغييرًا جذريًا في أسلوبها وخطابها.
فجيل زد اليوم ليس كتلة صامتة أو مجرد أصوات عابرة، بل هو قوة فاعلة وواعية، تفرض قواعد جديدة للعبة السياسية.

وبينما تواصل بعض الأحزاب محاولات التودد بسطحية، يبدو أن جيل زد اختار طريقه بنفسه، رافضًا أن يكون مجرد أداة انتخابية، ومصممًا على أن يكون صانع المستقبل لا مجرد متفرج عليه.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *