من ميناء بجاية إلى ميناء أشدود: فضيحة “كابتن كريستوس” تُسقط ورقة التوت عن النظام الجزائري

من ميناء بجاية إلى ميناء أشدود: فضيحة “كابتن كريستوس” تُسقط ورقة التوت عن النظام الجزائري

- ‎فيدولي, واجهة
IMG 20250501 WA0138

 

شاعيق عبد العزيز/

 

في زمنٍ تتسابق فيه عدد من الأنظمة العربية الشمولية على الظهور بمظهر “نصير القضية الفلسطينية”، وبينما ترفع شعارات “الممانعة” و”رفض التطبيع” عاليا في المحافل الدولية، تأتي الوقائع على الأرض لتكشف زيف تلك الشعارات، وتفضح ممارسات لا تمت للخطاب السياسي الرسمي بأي صلة.

آخر هذه الوقائع ما رصد بخصوص السفينة التجارية CAPTAIN CHRISTOS، التي كانت قد رست بميناء بجاية الجزائري بتاريخ 11 أبريل الجاري، لتظهر بعدها، في 18 من الشهر ذاته، ترسو بميناء أشدود الإسرائيلي، أحد أبرز الموانئ التابعة للاحتلال.

وفق بيانات حركة الملاحة البحرية، فإن السفينة التي ترفع علم دولة توغو، غادرت ميناء بجاية في اتجاه ميناء أشدود، دون توضيح لطبيعة الحمولة، هذا الانتقال السريع والمباشر أثار تساؤلات واسعة حول طبيعة العلاقة التجارية بين الجزائر وإسرائيل، رغم ما يعلنه النظام الجزائري من رفض قاطع لأي تطبيع مع اسرائيل.

ما زاد الطين بلة هو غياب أي توضيح رسمي من السلطات الجزائرية، رغم حجم الفضيحة والاهتمام الإعلامي الذي بدأت تثيره الحادثة، فماذا كانت تنقل السفينة من الجزائر نحو إسرائيل؟ ولماذا لا تكشف الحكومة عن تفاصيل الشحنة؟

النظام الجزائري لا يفوت فرصة لإدانة التطبيع مع إسرائيل، سواء تعلق الأمر بدول عربية أخرى أو منابر إعلامية، وغالبا ما يزايد بخطاب ثوري شعبوي في المنتديات الدولية، مصورا نفسه كأحد آخر الحصون المدافعة عن القضية الفلسطينية.

لكن الواقع يكشف شيئا آخر وهو أن الموانئ الجزائرية مفتوحة أمام السفن المتوجهة إلى إسرائيل، والمعاملات التجارية على ما يبدو لا تتوقف، طالما أنها تجري في صمت وبعيدا عن عدسات الإعلام.

الفضيحة كشفت كذلك صمتا مريبا من طرف “الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع”، والتي تضم مجموعة من النشطاء وعددا من التنظيمات، أبرزها جماعة “العدل والإحسان”، هذه الجبهة كانت قد أثارت ضجة كبرى في المغرب قبل أشهر، حين رفضت رسو سفينة تابعة لشركة “ميرسك” في أحد الموانئ المغربية، بدعوى أنها تنقل معدات عسكرية إلى إسرائيل.

ورغم أن الشركة العالمية نفت بشكل رسمي هذه الادعاءات، وأكدت عدم وجود خط بحري مباشر بين المغرب وإسرائيل، وغياب أي علاقة لها بنقل معدات حربية، إلا أن الجبهة نظمت احتجاجات ورفعت شعارات قوية ضد التطبيع البحري.

اليوم، وفي حالة السفينة القادمة من الجزائر إلى إسرائيل، لم يسجل أي بيان أو وقفة احتجاجية من نفس الهيئات. فهل بات التطبيع مرفوضا فقط حين يصدر عن المغرب، ومقبولا حين يتعلق بالجارة الشرقية؟

ما يعمق الشكوك أكثر هو غياب أي موقف رسمي من السلطات الجزائرية أو الشخصيات السياسية والإعلامية المعروفة بخطابها المعادي للمغرب، الذي لم يتردد قبل أيام في مهاجمة المغرب بعنف بسبب “علاقاته مع إسرائيل”.

فأين هي الآن هذه الشخصيات؟ ولماذا لا يدعو أنصارها للاحتجاج في ميناء بجاية؟ أم أن “الممانعة” في الجزائر انتقائية، تتغير حسب الجهة التي تتهم بالتطبيع؟

كل المعطيات تشير إلى وجود علاقات تجارية تتم بعيدا عن أعين الرأي العام، تدار وفق مبدأ “لا نطبع علنًا… لكن نتاجر في الظل”.

وهو ما يتنافى مع كل الخطابات التي يروجها الإعلام الرسمي الجزائري، الذي لا يتردد في توزيع تهم “الخيانة” و”التطبيع” على الدول الأخرى.

1 22 زيارة , 1 زيارات اليوم

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *