الصين تضبط الفوضى الرقمية.. والمغرب بحاجة إلى خطوة مماثلة

الصين تضبط الفوضى الرقمية.. والمغرب بحاجة إلى خطوة مماثلة

- ‎فيدولي, واجهة
Capture decran 2025 10 27 184623

راديو إكسبرس

البث المباشر

 

اوسار احمد/

في الصين، لم يعد من الممكن لأي شخص أن يتحدث في مواضيع حساسة دون مؤهلات واضحة. السلطات هناك فرضت قواعد جديدة تُلزم المؤثرين الذين يتناولون قضايا مثل الطب أو القانون أو التعليم أو المالية بإثبات شهاداتهم الأكاديمية أو خبراتهم المهنية. المنصات الكبرى، مثل “دووين” و“ويبو”، أصبحت مطالبة بالتحقق من هذه المؤهلات، وإلا واجهت غرامات قد تصل إلى 13.000 دولار أمريكي، حوالي 15 مليون سنتيم مغربي.

الغاية من هذه الخطوة هي مواجهة التضليل الرقمي، وحماية الرأي العام من المعلومات الخاطئة. بكين اختارت أن تجعل الكفاءة شرطا أساسيا للحديث في الشأن العام، لأن الفضاء الرقمي لم يعد مجرد ترف، بل ساحة تُصنع فيها المواقف وتُوجَّه فيها العقول.

في المقابل، يعيش المغرب وضعا مختلفا. المؤثرون يتحدثون في كل شيء: السياسة، علم النفس، العلاقات الأسرية، الشأن العام. بعضهم يقدم نفسه “محللا” أو “خبيرا” دون أي شهادة أو تكوين. ومع ذلك، يتابعه مئات الآلاف، ويؤثر في رأي الناس أكثر مما تفعل المؤسسات أو الخبراء الحقيقيون.

الأخطر أن بعض الصحفيين انجروا بدورهم إلى هذه الفوضى. ينشرون دون تحقق، يعلقون دون معرفة، ويخطئون في التوصيف والتحليل. النتيجة هي تضليل واسع للرأي العام وفقدان تدريجي لثقة الجمهور في الإعلام.

السلطات المغربية مطالَبة اليوم بسنّ إطار قانوني واضح ينظم المحتوى الرقمي، ويفرض معايير مهنية على من يتحدث في القضايا الحساسة. المنصات المحلية يجب أن تتحمل بدورها مسؤولية التحقق من هوية المؤثرين ومؤهلاتهم، مثلما تفعل الصين.

الحرية الرقمية لا تعني الفوضى. من حق كل مواطن أن يعبر عن رأيه، لكن ليس من حق أي شخص أن يقدم نفسه خبيرا في مجالات لا يفقه فيها شيئا. حماية الفضاء الرقمي من التضليل مسؤولية دولة، لا يمكن تركها لمزاج المنصات أو رغبة المؤثرين في الشهرة.

المغرب يحتاج اليوم إلى خطوة شجاعة توازن بين حرية التعبير وضمان المصداقية، لأن الفضاء الرقمي أصبح مجالا يؤثر مباشرة في وعي المجتمع، وفي مسار النقاش العمومي برمّته.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *