مجينينة يغادر السجن بعد نصف قرن خلف القضبان… نهاية رحلة وعالم جديد ينتظره

مجينينة يغادر السجن بعد نصف قرن خلف القضبان… نهاية رحلة وعالم جديد ينتظره

- ‎فيواجهة
IMG 20250823 WA0008

راديو إكسبرس

البث المباشر

 

 

خرج رشيد، المعروف بلقب “مجينينة”، يوم الخميس من السجن بعد أن استفاد من عفو ملكي خاص أنهى رحلة امتدت 48 سنة خلف القضبان، في واحدة من أطول فترات الاعتقال التي عاشها سجين في المغرب. الرجل الذي دخل السجن في سبعينيات القرن الماضي وجد نفسه اليوم أمام عالم مختلف تماماً: وجوه جديدة، أجيال لم يعاصرها، وتكنولوجيا لم يعرفها من قبل، بينما ضاعت أجمل سنوات عمره بسبب مسار دموي قاده إلى الجريمة والعقاب.

قصة “مجينينة” تعود إلى بدايات مضطربة في أحياء مكناس، حيث برز اسمه إلى جانب غريمه محمد الملقب بـ“حنفوزة”. تعرف الاثنان على بعضهما داخل إصلاحية سيدي سعيد، وهناك ولدت عداوة حادة لم تهدأ بعد الإفراج عنهما. تحول الصراع إلى منافسة على السيطرة داخل الأحياء الشعبية، كل طرف يريد أن يفرض حضوره بالقوة، فتوالت المواجهات بالسكاكين وتغذّت الأحقاد بين العصابتين.

في صيف سنة 1991، بلغت المواجهة ذروتها. ففي 11 يوليوز من ذلك العام استدرج “مجينينة” أحد أتباع خصمه إلى بستان بعين الشبيك. هناك، وتحت تأثير الخمر، كبّل الضحية إلى جذع شجرة، ووجّه له طعنات متتالية حتى فارق الحياة، قبل أن يفصل رأسه عن جسده. حمل الرأس في كيس بلاستيكي أسود ودخل به إلى حانة بالمدينة، وعندما طلبت النادلة ثمن ما شربه كشف الكيس قائلاً إن “الذي بداخله سيدفع الحساب”. لحظتها عمّ الذهول، وتدخلت الشرطة لتضع حداً لمشهد صادم ما زال محفوراً في ذاكرة المدينة.

المحكمة الاستئنافية بمكناس أصدرت في الثالث من دجنبر 1991 حكماً بالإعدام في حقه، قبل أن يتحول لاحقاً إلى السجن المؤبد. ومنذ ذلك اليوم، أمضى رشيد ما يقارب نصف قرن بين الزنازين، معزولاً عن التحولات الكبرى التي عرفها المغرب. في الخارج تغير كل شيء: التكنولوجيا، أنماط العيش، حضور أجيال جديدة لم يسمع عنها إلا من بعيد، بينما ظل هو حبيس الزمن داخل أسوار السجن.

اليوم، بعد أن نال حريته بعفو ملكي، يجد “مجينينة” نفسه أمام حياة جديدة مختلفة عن كل ما عرفه. لم يعد الصراع الذي قاده إلى الجريمة موجوداً، ولم تعد العصابات القديمة حاضرة بنفس الشكل، لكن الندوب التي خلفها الماضي ما زالت تلاحقه. خروجه يعيد إلى الأذهان قصة طويلة من العنف والانتقام، لكنه في الوقت نفسه يقدم للشباب درساً عميقاً حول عواقب الانجراف نحو الجريمة. لحظة طيش واحدة أو قرار متهور قد يجر صاحبه إلى سنوات من العزلة والندم، كما حدث مع رشيد الذي دفع ثمن أخطائه بأغلى ما يملك: عمره كله.

الحرية التي حصل عليها اليوم قد تشكل فرصة لمصالحة الذات، لكنها تظل أيضاً مرآة لمرحلة كاملة من تاريخ الجريمة في مكناس. وبينما يحاول استعادة مكانه في مجتمع تغير بالكامل، تبقى قصته شاهداً على أن طريق العنف لا يقود إلا إلى السجن والندم، وأن سنوات العمر التي تضيع خلف القضبان لا يمكن أن تعوض.

Loading

‎تعليق واحد

  1. كيفاش حسبتوا 48 سنة؟

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *