اوسار أحمد/
أثار نائب رئيس حزب الرفاه الجديد التركي، دوغان بيكين، جدلا واسعا بتصريحات وصفها متابعون بالمشينة والمثيرة للقلق، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية المغربي المنعقد في بوزنيقة. بيكين تجاوز حدود اللياقة السياسية حين قارن بين ما أسماه إغلاق الأحزاب الإسلامية في تركيا بقرارات إدارية وقضائية، وبين ما اعتبره “إسقاطا” لحزب العدالة والتنمية المغربي عبر صناديق الاقتراع، ملمحا إلى أن الأمر لم يكن نتيجة إرادة شعبية خالصة.
دوغان بيكين، وبنبرة تحريضية صريحة، هاجم الحكومات القائمة، معتبرا أنها مدعومة من قوى غربية وأنها مؤقتة وستسقط قريبا، ليعود الحكم ـ حسب زعمه ـ إلى “الشعب وممثليه”، في إشارة مباشرة إلى الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية. هذا الخطاب الذي نال تصفيقا حارا من أعضاء حزب العدالة والتنمية المغربي الحاضرين، يكشف حالة من التناغم المثير للريبة بين قيادات الحزب المغربي ونظرائهم الأتراك، وكأن الحزب يتلقى تعليمات مباشرة من أنقرة.
تصريحات بيكين لم تكتف بإطلاق مواقف مثيرة تجاه الوضع السياسي المغربي، بل مضت إلى ما هو أخطر حين تحدث عن مشروع توحيد 57 دولة إسلامية تحت قيادة موحدة، متجاوزا تماما السيادة الوطنية للدول وخيارات شعوبها الديمقراطية. هذا الطرح لا يمكن فهمه إلا كتدخل سافر في الشؤون الداخلية للمغرب، وضرب صريح لقواعد الاحترام المتبادل بين الدول.
صمت قيادة حزب العدالة والتنمية المغربي أمام هذه التصريحات، بل وتصفيقهم لها، يعزز الانطباع بأن الحزب فقد استقلاليته السياسية وأصبح تابعاً لجهات خارجية. تجاهل واضح لروح الدستور المغربي ولثوابت البلاد التي تقوم على احترام الاختيار الديمقراطي والسيادة الوطنية.
بيكين، دون أي اعتبار لحساسية السياق المغربي، دعا الحاضرين إلى التركيز على إعادة العدالة والتنمية إلى الحكم، متجاهلا إرادة الناخبين التي عبّرت عنها صناديق الاقتراع بوضوح في الانتخابات الأخيرة. مثل هذا الخطاب يعكس عقيدة سياسية لا تؤمن بالتداول الديمقراطي الحقيقي، بل تعتبر النصر الانتخابي مشروعا فقط إذا حققه طرف بعينه، وإذا خسر، تبدأ في تبرير النتيجة بأطروحات المؤامرة والدعم الغربي.
المغرب، الذي يراكم التجربة الديمقراطية بشكل متدرج وثابت، يجد نفسه اليوم أمام مواقف تحريضية تصدر من فوق منصة حزب مغربي، ولكن بروح تركية وأهداف عابرة للحدود. تساؤل حتمي يفرض نفسه الآن: هل تحول حزب البيجدي إلى أداة لتنفيذ مشاريع سياسية أجنبية تابعة لتنظيم الاخوان ؟
1 44 زيارة , 1 زيارات اليوم