راديو إكسبرس
البث المباشر
اوسار أحمد
بعد أيام من محاولة الركوب على موجة احتجاجات ما سُمي بـ“حركة جيل زد”، وبعد الفوضى وأعمال الشغب التي شهدتها بعض المدن واعتقال عشرات المتورطين في إضرام النار والاعتداء على الممتلكات والسلطات، عاد الهدوء إلى الشارع المغربي.
الاحتجاجات السلمية ذات المطالب الاجتماعية المشروعة استمرت في إطار من الانضباط والمسؤولية، فيما سقط رهان الجهات التي كانت تراهن على تحويلها إلى فوضى منظمة وزعزعة استقرار البلاد.
في هذا التحقيق، تكشف “إكسبريس تيفي” الوجه الآخر لحرب إعلامية قادتها منصات أجنبية ناطقة بالعربية، سخّرت محتوى ممولاً وموجهاً لتضليل الرأي العام، وتقديم احتجاجات محدودة على أنها “ثورة شبابية”، في محاولة مكشوفة للضغط على المغرب وتشويه صورته داخلياً وخارجياً.
قناة TRT عربي تغطية مضللة ممولة

كشف التحقيق أن قناة TRT عربي القسم العربي الرسمي لهيئة الإذاعة والتلفزيون التركية (TRT) التابعة للحكومة التركية. يُعرف الموقع بارتباطه بالسياسات الرسمية للدولة التركية، ويستهدف جمهوراً عربياً واسعاً من خلال منصاته الرقمية ويستخدم استراتيجيات إعلامية والمحتوى الممول لتوسيع نطاق تأثيره والوصول إلى جماهير محددة في المنطقة العربية حسب اجندات سياسية . بثت القناة مجموعة من الفيديوهات والمنشورات ابرزها فيديو دعائي على صفحتها الرسمية في فيسبوك، ادعت فيه أن الشرطة المغربية استخدمت “العنف المفرط” لتفريق احتجاجات شبابية.الفيديو لم يكتفِ بنشر المزاعم، بل تم ترويجه عبر حملة إعلانية ممولة، تظهر في بيانات مكتبة إعلانات فيسبوك كمنشور موجّه إلى مستخدمين في المغرب والشرق الأوسط وشمال إفريقيا. الاستهداف الجغرافي والزمني تزامن مع ذروة التفاعل، ما يثير شبهة تنسيق مقصود لتأجيج النقاش وتضخيم الحادثة, وتوجيه الرأي العام المغربي والعربي .
انخراط “عربي21” في الحملة
صحيفة عربي21 التي تأسست سنة 2010 والممولة من جهات قطرية وتتخذ من لندن مقرًا لها. وتقدم محتوى إخباري وسياسياً باللغة العربية، ومعروف بميله إلى نشر مواد سياسية مثيرة للجدل، وتستقطب جمهورًا واسعًا من القراء العرب، خصوصًا من المهتمين بالشأن السياسي والحقوقي. كما يستخدم الموقع حملات دعائية ممولة تستهدف جمهوراً محدداً في المنطقة العربية.– انخرطت بدورها في حملة ممولة مشبوهة، حيث حسب تحقيق جريدة “اكسبريس تيفي” فقد نشرت عربي21 خلال حملتها تسعة مقاطع فيديو خلال فترة وجيزة، ركزت على خلق انطباع بوجود “ثورة” في المغرب.
الفيديوهات التي نشرتها الصحيفة تضمنت محتوى مضلل وعناوين موجهة, كم تم استخدام مقاطع فيديو لاعلاقة لها باحتجاجات المغرب وتم إعادة توضيبها ودسها في المحتوى, وحاولت الصحيفة التركيز على الدعاية لرواية ان هناك انتفاضة شعبية كبيرة ضد الدولة, تحليل تتبعي أجرته جريدة اكسبريس تيفي على منصة Meta Ad Library أظهر أن منشورات صحيفة عربي21 استهدفت المستخدمين المغاربة بشكل مباشر، في محاولة واضحة لتغليب رواية واحدة على المشهد الرقمي المحلي والدولي.
مشاركة وجوه معروفة
تحقيق “اكسبريس تيفي” رصد أيضا مشاركة الصحفية اليمنية توكل كرمان، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، والمعروفة بنشاطها السياسي والصحفي، خاصة خلال ثورات الربيع العربي، حيث كانت من بين الأدوات الإعلامية التي استخدمت لزرع الفوضى في مجموعة من الدول العربية, والغريب ان حساب كرمان على فيسبوك يديره 10 اشخاص من دول مختلفة, وهو مايظهر ان الصحفية أصبحت مجرد أداة تحركها جهات أخرى, حيث نشرت توكل كرمان عشرات التدوينات ومقاطع قصيرة تحمل نفس الرواية المضللة، مع الاعتماد على مقاطع قديمة أو مأخوذة من سياقات أخرى, والأكثر من هذا هو تدوينات ادعت فيها ان المحتجين اقتربوا من القصر الملكي, وتدوينات أخرى تحدث عن مسيرات مليونية في الشوارع.
حسابات وهمية وذباب إلكتروني
كشف التحقيق أيضاً شبكة من الحسابات الوهمية التي صممت للتفاعل مع المحتوى المضلل ونشره، مدعية أنها مغربية. هذه الحسابات تستخدم لهجة محلية وصور شخصيات مزيفة لإضفاء مصداقية زائفة، وتولّد انطباعاً بأن الرأي العام محموم ومتفاعل.
ومن بين الأساليب المستعملة من طرف هذه الحسابات حسب التحقيق الذي أجرته جريدة “اكسبريس تيفي” فقد شملت:
نشر قصص ووقائع كاذبة لتحريض المواطنين ضد الدولة,شراء متابعين وبرمجيات إدارة الحسابات للترويج المتزامن للمحتوى, إعادة نشر روايات مختلقة على صفحات تبدو محلية، لتضليل الرأي العام.
أرقام تكشف ميزانية ضخمة
بعد اجراء التحقيق الاستقصائي والبحث التقني بمساعدة خبير في مجال التسويق الالكتروني أوضح أن الكلفة الإعلانية لمثل هذه الحملات السياسية خلال أسبوع واحد تجاوزت 200 ألف دولار، لتغطية الترويج، وتصميم الفيديوهات، وإدارة الحملات، وشراء التفاعل المزيف, وبعد اطلاعه على نوعية المحتوى, اكد ان استخدام أدوات استهداف دقيقة جعل من الحملة عملية تأثير ممنهجة وليست حملة إخبارية عفوية.
فشل الحملة ووعي المجتمع
رغم التنظيم الكبير والميزانيات الضخمة وحجم الإنفاق التي رُصدت للحملة الإعلامية الأجنبية ضد المغرب، لم تنجح هذه الجهود في تحقيق أهدافها.
المجتمع المغربي أظهر قدرة واضحة على التمييز بين الأخبار الحقيقية والمضللة، فيما لعب الإعلام المحلي المستقل والحكومي دوراً محورياً في كشف المحتوى المزيف وتصحيح الروايات المغلوطة ومواجهة الحملات المغرضة التي كانت تهدف لزعزعة الاستقرار وزرع الفوضى, صحف محلية كثيرة من بينها جريدة اكسبريس تيفي خصصت حيز كبير من تغطيتها وامكانياتها من اجل التحقق الميداني من الوقائع، والتقارير التوضيحية، والمبادرات الإعلامية التي وثقت الأحداث بدقة، وحالت دون انتشار التضليل وقلصت تأثير الحسابات الوهمية والشبكات المزيفة.
نجاح هذه المقاربة يعكس مناعة الرأي العام المغربي ومرونة مؤسساته الإعلامية في مواجهة محاولات التأثير الخارجي، ويؤكد قدرة البلاد على الحفاظ على استقرارها وصورة حقيقية وشفافة أمام الجمهور الداخلي والخارجي.
ورغم فشل هذه الحملات الرقمية التي استهدفت المغرب في وقت حساس فان هذه التجربة هي بمثابة اختبار لقدرات التأثير الخارجي، ما يؤكد ضرورة بناء آليات وطنية لرصد الإعلانات السياسية العابرة للحدود وكشف شبكات الحسابات الوهمية قبل أن تُحدث رأياً عاماً زائفاً, وكذا ضرورة دعم وتقوية الاعلام المحلي المواطن الذي يعتبر اليوم بمثابة درع دفاعي في الصفوف الامامية .
![]()

















