“لطيفة أخرباش”: الإشهار لم يعد أداة تجارية فقط بل رهان سيادي يرتبط بمستقبل الإعلام المغربي

“لطيفة أخرباش”: الإشهار لم يعد أداة تجارية فقط بل رهان سيادي يرتبط بمستقبل الإعلام المغربي

- ‎فيواجهة, اقتصاد
3b9f5441 62f7 4071 a96e fa9eebb1c5da 1024x682 1

راديو إكسبرس

البث المباشر

خلال افتتاح المناظرة الوطنية الأولى حول الإشهار، التي انعقدت بمدينة الدار البيضاء يوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025، وجهت لطيفة أخرباش، رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا)، دعوة صريحة إلى إعادة النظر جذريًا في منظومة الإشهار بالمغرب، معتبرة أنه لم يعد مجرد وسيلة تجارية أو اقتصادية، بل بات عنصراً سيادياً محورياً في صياغة مستقبل الإعلام الوطني وضمان استقلاليته.

“أخرباش”، التي كانت تتحدث أمام وزراء وشخصيات وفاعلين في القطاع الإعلامي والإعلاني، شددت على أهمية الإشهار كرافعة أساسية داخل المشهد الإعلامي، معتبرة أنه لم يعد من المقبول النظر إليه من زاوية “الحصص السوقية” أو “الميزانيات” فقط، بل باعتباره خطابًا موجهاً إلى المجتمع، يصنع التمثلات ويرسخ القيم، ويؤثر في السلوك العام.

وفي هذا السياق، نبهت إلى ضرورة إرساء قواعد واضحة ومبنية على الشفافية والإنصاف والمسؤولية المجتمعية، تضمن فصلًا صارمًا بين المحتوى التحريري والإشهاري، مؤكدة أن الهيئة سبق لها اتخاذ تدابير زجرية في هذا الاتجاه من أجل حماية نزاهة الصحافة واستقلاليتها.

كما حذرت من مخاطر الإشهار المضلل والصور النمطية التي قد يكرسها، خصوصاً ما يتعلق بالنوع الاجتماعي وتمثلات الجسد والنجاح والسعادة، داعية إلى مساءلة هذه الخطابات من منظور ينسجم مع المشروع المجتمعي المغربي وهويته الثقافية.

وتوقفت رئيسة “الهاكا” عند أزمة حكامة سوق الإشهار، مشيرة إلى أن غياب الشفافية والعدالة في توزيع الإعلانات يشكل تهديداً مباشراً للتعددية الإعلامية، ويقوض استقلالية الفاعلين الإعلاميين. وشددت على أهمية اعتماد آليات تضمن توزيعا منصفا للموارد الإشهارية، يأخذ بعين الاعتبار التوازن الجغرافي واللغوي والقطاعي بين المتعهدين.

وعن الإشكالات الكبرى التي تعاني منها السوق المغربية، أبرزت أخرباش التحدي المتزايد الذي تفرضه المنصات الرقمية العملاقة مثل “غوغل”، “ميتا”، “يوتيوب”، و”تيك توك”، معتبرة أن هذه الشركات تستحوذ على جزء كبير من الاستثمارات الإشهارية دون أن تساهم في تمويل الإعلام الوطني أو تخضع للتشريعات المحلية، مما يستدعي، حسب قولها، تدخلاً تشريعياً وتنظيمياً عاجلاً.

واقترحت في هذا السياق فرض ضرائب على العائدات الإشهارية لهذه المنصات، على غرار ما تم اعتماده في بعض الدول، من أجل إعادة توزيع جزء من الأرباح لفائدة وسائل الإعلام الوطنية، ودعم الإنتاج المحلي. كما دعت إلى تقنين الإشهار الرقمي، وضبطه بقوانين تحمي المستخدمين، خصوصاً القاصرين، وتتصدى للإعلانات المضللة أو المسببة للإدمان، فضلاً عن تقنين الإشهار السياسي والانتخابي لضمان الشفافية ونزاهة العمليات الديمقراطية.

واختتمت أخرباش مداخلتها بالتأكيد على أن المغرب في حاجة إلى استراتيجية وطنية موحدة تعيد الاعتبار للإشهار كرافعة للتنمية الإعلامية والثقافية، وليس فقط كأداة ربحية، مؤكدة أن “الرهان اليوم هو بناء منظومة إشهارية قوية، عادلة، ومسؤولة، تكون في خدمة إعلام وطني حر، مستقل، ومبدع”، مضيفة أن سياسة إشهارية مبنية على الشفافية والمساءلة يمكن أن تفتح آفاقاً جديدة أمام تطور الإعلام المغربي وتعزيز ثقة الجمهور فيه.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *