راديو إكسبرس
البث المباشر
لقد أصبح المواطن المغربي يهتم بشؤون الفلاحة والزراعة أكثر من أي وقت مضى، وذلك راجع إلى توالي سنوات الجفاف وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ويتطلع المغرب إلى تحقيق موسم فلاحي جديد أكثر استدامة ونجاحًا، رغم التحديات المستمرة التي يواجهها القطاع الفلاحي و يركز الموسم الفلاحي المقبل على عدة تطلعات تهدف إلى تحسين الإنتاجية، التكيف مع التغيرات المناخية، وتعزيز القدرة التنافسية للقطاع الزراعي على المستوى المحلي والدولي.
وقبل انطلاق الموسم الفلاحي القادم، يواجه قطاع الفلاحة مجموعة من التحديات التي قد تؤثر على الإنتاج الزراعي وتوازن الأمن الغذائي في البلاد. يعتبر الموسم الفلاحي ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني، حيث يساهم بشكل كبير في تأمين الغذاء وتوفير فرص العمل، لاسيما في المناطق القروية. ولكن، الظروف المناخية القاسية والتقلبات الاقتصادية تشكل عائقًا أمام الفلاحين، مما يستدعي استراتيجيات واضحة لمعالجة هذه القضايا والتغلب عليها.
ويطمح المغرب خلال هذا الموسم المقبل إلى تحقيق العديد من التطلعات التي تركز على تحسين الاستدامة الزراعية وزيادة الإنتاجية في ظل التحديات المستمرة، مثل نقص المياه وارتفاع تكاليف المدخلات و من أبرز الأهداف هو تعزيز إدارة الموارد المائية عبر استخدام تقنيات الري الحديثة، بالإضافة إلى دعم الفلاحين من خلال برامج مالية وفنية لتخفيف الأعباء الاقتصادية عليهم. كما يولي الموسم الفلاحي الجديد اهتمامًا كبيرًا بتحسين جودة المنتجات الفلاحية ورفع قدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية، إلى جانب تعزيز التصنيع المحلي للمنتجات الزراعية لخلق قيمة مضافة وزيادة الفرص الاقتصادية. في إطار مكافحة التحديات البيئية، يُتوقع أن يتوسع استخدام التقنيات البيئية لمكافحة الآفات والأمراض الزراعية، بينما يتسارع الابتكار التكنولوجي في القطاع الفلاحي، مثل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لتحسين الإنتاجية وتخفيض التكاليف.
بالإضافة إلى ذلك، يسعى المغرب إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المحاصيل الأساسية مثل القمح، مع تعزيز التنمية في المناطق القروية من خلال تحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية للفلاحين. في المجمل، يتطلع المغرب إلى موسم فلاحي أكثر استدامة ونجاحًا، يعزز قدرة القطاع الفلاحي على مواجهة التحديات المناخية والاقتصادية، مع التركيز على الزراعة المستدامة التي تقلل من التأثيرات البيئية وتحقق الأمن الغذائي.
ولعلّ من أبرز التحديات التي يواجهها الموسم الفلاحي الجديد في المغرب هو الجفاف المستمر، الذي لا يزال يشكل هاجسًا كبيرًا للعديد من المناطق، خصوصًا في الشمال والجنوب. على الرغم من بعض الأمطار التي تساقطت في بداية الموسم، إلا أن الفلاحين يظلون في حالة قلق مستمر بشأن نقص المياه الذي يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على إنتاج المحاصيل.
ارتفاع أسعار المواد الزراعية، مثل الأسمدة والوقود، بدوره تحديا يؤرق بال الفلاحين، ففي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، أصبح من الصعب على الفلاحين تحمل تكاليف الإنتاج، ما ينعكس على قدرتهم في تحقيق مردودية مرضية،كما يزيد هذا من الضغط على الفلاحين، الذين غالبًا ما يواجهون صعوبة في تغطية هذه النفقات المرتفعة.
من جهة أخرى، التغيرات المناخية تضع مزيدًا من الضغوط على الإنتاج الفلاحي، إذ تؤدي التقلبات الجوية المفاجئة، من ارتفاع درجات الحرارة إلى تساقط أمطار غير منتظمة، إلى تأخير في مواعيد الزراعة أو الحصاد، وتعرض المحاصيل لخطر التلف،كما أن الآفات الزراعية تظل تهديدًا قائمًا، حيث سجلت بعض المناطق زيادة في أعداد الآفات الزراعية، ما يهدد صحة المحاصيل ويجعل مكافحة هذه الآفات ضرورة ملحة.
ولمواجهة التحديات التي يواجهها القطاع الفلاحي في المغرب،من المرتقب أن تتخذ الحكومة سلسلة من الإجراءات الاستراتيجية لدعم الفلاحين والتخفيف من الآثار السلبية الناتجة عن الظروف الراهنة. من أبرز هذه الإجراأت تعزيز استخدام تقنيات الري الحديثة مثل الري الموضعي والري بالتنقيط، التي تساهم في تقليل استهلاك المياه وزيادة كفاءة الري، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص حاد في المياه. كما يُعد برنامج “الجيل الأخضر” خطوة رئيسية لتحديث القطاع الفلاحي وتطويره، حيث يركز على توفير الدعم التقني والمالي للفلاحين في المناطق القروية وتعزيز الاستدامة الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المحاصيل الاستراتيجية.
إضافة إلى ذلك، من المنتظر ان تخصص الحكومة و المتمثلة في وزارة الفلاحة برامج دعم مادي تشمل قروضًا ميسرة وتسهيلات في تكاليف المدخلات الزراعية، بهدف تخفيف العبء المالي على الفلاحين في ظل الارتفاع المستمر في تكاليف الإنتاج. كما أولت الحكومة أهمية كبيرة للاستثمار في البحث الزراعي، من خلال تطوير أصناف جديدة من المحاصيل المقاومة للجفاف والآفات، مما يسهم في زيادة الإنتاجية وتقليل الخسائر الناجمة عن الظروف المناخية الصعبة. هذه الإجراأت تمثل جزءًا من الجهود المستمرة لتحسين استدامة القطاع الفلاحي وتعزيز قدرته على مواجهة التحديات المناخية والاقتصادية، بما يساهم في ضمان الأمن الغذائي في المستقبل.
ورغم التحديات الكبيرة التي سيواجهها الموسم الفلاحي المقبل، فإن هناك فرصة حقيقية لتحقيق نتائج إيجابية إذا ما تم تجاوز هذه الصعوبات بشكل فعال. تظل الاستدامة الزراعية والإدارة الفعالة للموارد من الأولويات التي تسعى الحكومة المغربية لتحقيقها من خلال استراتيجيات مبتكرة وبرامج دعم مستمرة. يبقى الأمل في أن تمكن هذه الجهود القطاع الفلاحي من الصمود أمام الظروف القاسية وتحقيق النتائج المرجوة، بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني ويعزز الأمن الغذائي في المغرب.
![]()








