راديو إكسبرس
البث المباشر
عبد الله مشنون/
كاتب صحفي مقيم في ايطاليا
في لحظة كروية لن تُنسى، رسم المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة معالم إنجازٍ جديد يُضاف إلى الذاكرة الرياضية الوطنية، حين أطاح بنظيره الأميركي بثلاثة أهداف لهدف (3-1) ضمن ربع نهائي كأس العالم للشباب المقامة في تشيلي، مؤكّدًا أن الطموح المغربي في المحافل الدولية لم يعد يُقاس بالمشاركات، بل بالألقاب والنتائج التاريخية.
لم تكن المباراة مجرد 90 دقيقة كروية، بل كانت اختبارًا حقيقيًا لقوة الشخصية المغربية الشابة، أمام منتخب أميركي مدجج باللياقة والضغط العالي، لكن “أشبال الأطلس” قرروا أن يكتبوا الفصل الأخير على طريقتهم الخاصة: برجولة، وذكاء تكتيكي، وعزيمة وطنية صلبة.
منذ الدقائق الأولى، أظهر أبناء المدرب محمد وهبي رباطة جأش أمام اندفاع الخصم، فامتصوا الهجمات الأميركية بثقة، واعتمدوا على الانتقال السريع من الدفاع إلى الهجوم، وهي الخطة التي أربكت المنظومة الدفاعية للمنتخب الأميركي.
الهدف الأول للمغرب جاء بتوقيع فؤاد الزهواني في الدقيقة 31، بعد عمل جماعي منسق أظهر نضج الفريق جماعيًا، ثم جاء التعادل الأميركي من ركلة جزاء قبل نهاية الشوط الأول، ليُعيد المباراة إلى نقطة الصفر.
لكن في الشوط الثاني، أثبت الأشبال أنهم ليسوا مجرد مشاركين، بل مشروع أبطال. هدف عكسي سجّله الأميركي جوشوا وايندر منح التفوق للمغاربة، ثم أطلق ياسين جاسم رصاصة الرحمة بهدف ثالث في الدقيقة 88، أنهى بها أحلام الولايات المتحدة، وأعلن عبور المغرب إلى نصف النهائي عن جدارة واستحقاق.
هذا التأهل لم يكن حدثًا عابرًا؛ إنه لحظة فاصلة في مسيرة جيل شاب يحمل على أكتافه آمال الجماهير المغربية، ويؤكد أن كرة القدم الوطنية قادرة على التواجد في القمة إذا ما توفّرت الرؤية، والإعداد، والدعم المؤسساتي.
بانتظار مواجهة الفائز من لقاء فرنسا والنرويج، يقف المنتخب المغربي على بعد خطوة من إنجاز غير مسبوق، قد يضعه في نهائي الحلم. غير أن الوصول إلى نصف النهائي وحده كافٍ ليمنح هذا الجيل وسام الاحترام، ويكتب أسماؤهم في سجلّات الإنجاز الرياضي المغربي، جنبًا إلى جنب مع أساطير كروية رفعت راية الوطن عاليًا في المونديالات الماضية.
إنه الجيل الذي لا يؤمن بالعقد النفسية، ولا ينظر للأسماء أو الشعارات، بل إلى الميدان فقط، حيث تُحسم المعارك وتُروى الحكايات.
![]()









