تقرير صحفي: تطبيقات توصيل الطعام بالمغرب… الراحة تتحول إلى فخ مالي وصحي

تقرير صحفي: تطبيقات توصيل الطعام بالمغرب… الراحة تتحول إلى فخ مالي وصحي

- ‎فيمجتمع, واجهة
IMG 20250815 WA0056

راديو إكسبرس

البث المباشر

 

اوسار أحمد/

شهدت خدمات توصيل الطعام الرقمي في المغرب نمواً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد جائحة كوفيد-19، التي عززت انتشار التطبيقات الرقمية وربط المطاعم بالمستهلكين مباشرة. هذه الخدمة ساهمت في خلق فرص عمل للشباب وسهّلت وصول المواطنين إلى وجباتهم بسرعة، لكنها أثارت جدلاً واسعاً حول جودة الأطعمة وأسعارها وسلامتها الصحية.

IMG 20250815 WA0056 1

وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة الوسيط، سجلت الشكاوى المتعلقة بخدمات توصيل الطعام زيادة بنسبة 22.14% مقارنة بالعام 2022، حيث تم تسجيل 7,226 حالة في عام 2023. وتنوعت الشكاوى بين تأخر في التسليم، ارتفاع غير مبرر للأسعار، وتقديم وجبات باردة أو ناقصة.

بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أكد أن القطاع لا يزال حديث العهد، وأن توسع الشركات بعد الجائحة وفر فرص عمل للشباب، لكنه يشهد خروقات متكررة تتعلق بجودة المنتجات وسلامتها.IMG 20250815 WA0059

الجامعة تلقت شكاوى عن وجبات ناقصة أو باردة وأحياناً مأكولة جزئياً، إضافة إلى تلاعب في الأسعار عند التسليم مقارنة بما يظهر في التطبيقات. وأضاف الخراطي أن أغلب التجاوزات تأتي من شركات التوزيع المستقلة عن المطاعم، حيث يُعرض ثمن منخفض لجذب الزبون ثم يُفرض سعر أعلى عند التسليم، وهو ما تعتبره الجامعة عملية نصب واحتيال. وبناء على ذلك، توصي الجامعة المستهلكين بعدم الدفع عبر التطبيقات البنكية والاكتفاء بالأداء نقداً بعد استلام الوجبة، مع حق رفض المنتج إذا لم يطابق المواصفات أو السعر المتفق عليه.

 

القطاع نفسه يواجه تحديات يومية على أرض الواقع، حسب شهادات العاملين. سفيان، شاب يعمل في توصيل الأكلات السريعة بالقنيطرة، قال إن عمله يبدأ بتلقي الطلب عبر التطبيق أو الهاتف، ثم التأكد من كل التفاصيل قبل الانطلاق لضمان وصول الوجبة كما طلبها الزبون.

IMG 20250815 WA0057 وأضاف أن بعض الشركات توفر تجهيزات للحفاظ على حرارة الطعام ونظافته، وتفرض ارتداء خوذة وسترة عاكسة على السائقين، لكن الالتزام يبقى متفاوتاً خصوصاً بين العاملين بشكل فردي أو المطاعم الصغيرة. وأشار إلى أن ازدحام الطرق، الحفر، وتغيير العناوين في اللحظة الأخيرة تشكل تحديات مستمرة، أحياناً يضطر لإعادة الوجبة وخسارة الرحلة إذا لم يكن الزبون موجوداً أو لا يرد على الهاتف.

تظل المخاطر الصحية أحد أبرز التحديات المرتبطة بخدمات توصيل الطعام الرقمي، خصوصاً عندما لا يتم حفظ الوجبات بشكل صحيح أثناء النقل. عدم الالتزام بدرجات الحرارة الموصى بها يؤدي إلى نمو البكتيريا وتلوث الطعام، ما يزيد خطر التسمم الغذائي على المستهلكين. كما أن العبوات غير المحكمة أو التعرض الطويل للحرارة أو الرطوبة يمكن أن يؤثر على جودة الطعام وطعمه وسلامته. خبراء الصحة يحذرون من أن مثل هذه التجاوزات، حتى لو بدت بسيطة، قد تتحول إلى مشكلات صحية كبيرة، خصوصاً لدى الأطفال وكبار السن، مما يجعل الرقابة على طرق النقل ووسائل الحفظ ضرورة قصوى لضمان سلامة المواطنين.

تجارب المستهلكين تتباين بين إيجابية وسلبية. أحمد، موظف بالقنيطرة، وصف تجربته مع التطبيقات بأنها جيدة، حيث يصل الطلب في الوقت المحدد والطعام ساخن ونظيف، مع تواصل مسبق من السائق قبل الوصول. بالمقابل، فاطمة، طالبة جامعية، قالت إن تجربتها لم تكن مثالية، فقد تأخر طلبها يوم ممطر لأكثر من نصف ساعة، ووصل الطعام باردًا، مضيفة أن بعض السائقين يواجهون صعوبة في تحديد العناوين أو يطلبون من الزبون الحضور إلى الشارع العام لاستلام الطلب، وهو ما تعتبره غير مريح.

 

أما أصحاب المطاعم، فيرون الجانب الإيجابي لهذه التطبيقات. يوسف، صاحب مطعم صغير للوجبات السريعة بالقنيطرة، قال إن التعاون مع تطبيقات التوصيل كان خطوة مهمة لدعم نشاطه، حيث فتحت له هذه المنصات باب الوصول إلى زبائن جدد في أحياء بعيدة لم يكونوا يعرفون المطعم من قبل.IMG 20250815 WA0058

وأضاف أن المبيعات ارتفعت منذ إدراج المطعم على التطبيقات، وأن الطلبات الرقمية أصبحت جزءاً أساسياً من الدخل اليومي، كما تتيح له الترويج لعروض جديدة دون الحاجة لحملات إعلانية كبيرة.

 

ويؤكد الخراطي أن القطاع بحاجة إلى إطار قانوني واضح لضمان سلامة المستهلكين، خصوصاً من الناحية الصحية. وأوضح أن هناك ضرورة لإقرار نص قانوني يفرض المراقبة الصحية الدورية على الموزعين، على غرار رخصة الثقة لسائقي سيارات الأجرة، ومنح رخصة صحية للحاويات التي تنقل الأطعمة بالتعاون بين المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية ووزارة الصناعة والتجارة.

ومع النمو المتسارع للقطاع، تظل حماية حقوق المستهلك رهينة بتطبيق القانون وضمان معايير الجودة والمساءلة. ويبقى نجاح خدمات توصيل الطعام الرقمي مرتبطًا بتعاون جميع الأطراف، بدءاً من المستهلك، مروراً بالمطاعم والشركات، وانتهاءً بالجهات الرقابية، لضمان استمرار هذه الخدمة كفرصة اقتصادية واجتماعية دون أن تتحول إلى مصدر تهديد لصحة المواطن وميزانيته.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *