حين تصبح المعركة مع القطيع الصامت… لا مع شيخ الزاوية

حين تصبح المعركة مع القطيع الصامت… لا مع شيخ الزاوية

- ‎فيمجتمع, واجهة
WhatsApp Image 2025 05 03 at 20.36.15

 

نجيبة جلال /

ليس عبد الإله بنكيران وحده في واجهة المعركة. صحيح أنه خرج إلى العلن، واختار أن ينحدر بخطابه إلى مستوى لا يليق بتاريخه السياسي ولا بموقعه الرمزي، لكنه يدرك جيدًا ما يفعل، ولماذا يفعل، ولمن يرسل رسائله. إنه يلعب لعبته القديمة الجديدة، لعبة التموقع عبر الصخب، وبعث الحياة في سردية الضحية والمجاهد الوحيد.

لكن الحقيقة، كما يوضح الزميل رضوان الرمضاني، أن بنكيران لم يعد سوى واجهة لتيار من التواطؤ الصامت والجبن السياسي والإعلامي، يختبئ خلفه من لا يجرؤون على إعلان مواقفهم علنًا، أولئك الذين ينتمون إلى “نادي الهمس”، حيث تُحاك النوايا في الظلال ويُستهزأ من الحرية في الجلسات المغلقة، ثم يُترك الفضاء العام لـ”الشيخ” يصول فيه ويجول دون رقيب ولا ردع.

الرمضاني، في تدوينة عميقة اختلط فيها الغضب بالكرامة، عبّر عن رفضه لثقافة الازدواجية: معركته ليست فقط مع من يشتمه أو يحاول تحقيره، بل مع أولئك الذين اختاروا الصمت المريب، صمتًا لا تمليه الحكمة بل الجبن والانتهازية. مع من يمتهنون “التحليل” في المؤسسات، ويتقاضون رواتبَ باهظةً مقابل “الخبرة”، بينما لا يتقنون من السياسة سوى التلون ومجاراة الأقوى.

في خضم هذا الضجيج، يخرج بعض الإعلاميين ممن عودونا على تلونهم و تقلباتهم ، فإذا بهم ينحازون إلى خطاب بنكيران الشعبوي، لا دفاعًا عن الحق، بل استقواءً بموجة التجييش، وانخراطًا في حملة تضليل موجهة ضد الأصوات الحرة التي لا تساوم في مواقفها ولا تبيع استقلاليتها. هؤلاء لا يزعجهم القذف أو التنمر، بل يهاجمون من يرفض الصمت، وكأن حرية الرأي أصبحت تهمة تستحق الإعدام الرمزي.

الرمضاني لم يهادن، ولم يختبئ خلف سطور مبهمة، بل قالها بوضوح: “معركتي ليست انتخابية، ولا شخصية، ولا حزبية. أنا لا أتنافس على مقعد، ولا أطمع في صوت. أنا صاحب رأي، والرأي عندي موقف لا يُستعار، ولا يُؤجر، ولا يُكتم.”

يذكّرنا بأن من ارتضى أن يُهان من طرف بنكيران، وأن يُنعَت بالـ”صكوعة” و”المداويخ” ويصفق لذلك، فقد تنازل طواعية عن كرامته. ومن يستقوي بتضامن الجماهير الافتراضية المسعورة ضد من يكتب باحترام ويعارض بمهنية، فقد اختار أن يكون جزءًا من الرداءة لا من المقاومة.

أما أولئك الذين لا يملكون الشجاعة ليقولوا: “تازة قبل غزة”، والذين يعرفون جيدًا أن بنكيران لم يعد يمثل إلا استثمارًا في الإثارة والإلهاء، فهؤلاء شركاء في إنتاج الوهم.

في النهاية، يؤكد الرمضاني أن معركته ليست لإقناع المتفرجين، بل دفاعًا عن الحق في التعبير، ورفضًا لأن تتحول الساحة إلى مزرعة للصراخ ومرتع لابتزاز العقول.

“لن أسكت”… جملة لا تنتمي فقط إلى موقف، بل إلى ضمير مهني يستعصي على التدجين.

 

WhatsApp Image 2025 05 03 at 19.41.35WhatsApp Image 2025 05 03 at 19.41.35 1WhatsApp Image 2025 05 03 at 19.41.35 2

1 48 زيارة , 2 زيارات اليوم

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *