الحمامة تحلق فوق جبال تيسة

الحمامة تحلق فوق جبال تيسة

- ‎فيسياسة, واجهة
IMG 20251201 WA0056

راديو إكسبرس

البث المباشر

 

 

كان المشهد في تيسة مساء الأحد لافتًا بكل المقاييس. جماعة قروية في قلب منطقة جبلية بتاونات، تتسلل إليها الطرق بصعوبة، ويشتد فيها البرد وتعلوها غيوم المطر… ورغم ذلك، وجد أكثر من 3500 شخص طريقهم إلى ساحة اللقاء. لم يأتِ هؤلاء بدافع الفضول العابر، بل لأن هناك علاقة جديدة تُنسج بين المواطنين وحزب يقول إنه اختار أن يخرج من المكاتب المكيفة إلى الميدان المفتوح.

 

حضور بهذا الحجم، في فضاء قروي، وفي ظرف جوي قاسٍ، لا يحدث صدفة. إنه إشارة واضحة إلى أن التجمع الوطني للأحرار بنى خلال السنوات الأخيرة قاعدة اجتماعية واسعة تمتد فعلاً عبر خرائط المغرب، من المدن الكبرى إلى هوامش الجبال والقرى. ما جرى في تيسة يثبت – مرة أخرى – أن الحزب لم يعد مجرد قوة سياسية عابرة، بل رقماً صعباً داخل المعادلة الوطنية، قادرًا على تحريك الجماهير حيثما حلّ.

 

في هذا الصدد، بدا “مسار الإنجازات” أكثر من مجرد حملة تواصلية. اللقاء حمل نَفَسًا سياسيًا جديدًا: وزراء ورموز قيادية تنزل بنفسها إلى قلب المناطق النائية للاستماع، لشرح السياسات، ولتقديم خطاب مباشر دون وسطاء. هذا الحضور الميداني، المنتظم في كل الجهات، هو ما منح للحزب تفوقه في التواصل، لأن الناس – ببساطة – يريدون من يخاطبهم دون حواجز، ومن يضع قدميه في تراب قراهم قبل أن يطالبهم بالثقة.

 

تيسة كانت اختبارًا، وخرج منه الحزب أقوى. الحشود التي تحدت الطقس لتكون هناك تعكس حاجة مجتمعية واضحة: الرغبة في خطاب سياسي صريح، في مشروع يقدم إجابات عملية، وفي تنظيم يملك الجرأة للنزول إلى الشارع ومواجهة الأسئلة وجهًا لوجه. ومن خلال هذا الحضور الكثيف، بدا أن المواطنين لا يكتفون بالاستماع، بل يشعرون بأن جزءًا مما يُقدّم اليوم يمس حياتهم اليومية، ويستحق المتابعة.

 

وعليه، يمكن القول إن محطة تيسة لم تكن تجمعًا عادياً. كانت إعلانًا صامتًا عن أن الخريطة السياسية تتحرك، وأن هناك قوة حزبية استطاعت أن تصنع لنفسها امتدادًا حقيقيًا في الجغرافيا والاجتماع، لا في الخطابات وحدها. والأهم، أن هذا الامتداد لم يُبنَ في قاعات مغلقة، بل وسط المزارعين والنساء والشباب، في مناطق ما تزال تنتظر الكثير من الدولة والسياسة.

 

من هنا، يبرز جوهر النجاح: تواصل ميداني فعّال، ورسالة سياسية تستقر في الأرض قبل المنابر. هذه كانت تيسة، وهذه ربما هي وصفة حزب يسعى إلى ترسيخ حضوره وهو يقترب من سنة انتخابية مفصلية… حضور يقول إن الأبواب لم تعد مغلقة، وإن السياسة في المغرب يمكن أن تستعيد نبضها الحقيقي حين تعود إلى الناس.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *