الجامعة .. وصحافة بوعشرين

الجامعة .. وصحافة بوعشرين

- ‎فيرأي, واجهة
عبد الله أبو عوض

بقلم الدكتور عبد الله أبو عوض : أستاذ علوم سياسية وعلاقات دولية، رئيس المنتدى المغربي الدولي للإعلام والاتصال.

عندما كنت طالبا بكلية الحقوق في سلك الإجازة والسلك الثالث، لم تكن تعرف من الصحافة إلا الاستئناس بالقلم لكتابة خواطر سياسية لا تنبني على مقومات الكتابة الصحفية التي تدرس في المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، ومع ذلك استطاعت أن تثبت ذاتك كمتدخل رأي في الشأن السياسي المغربي، ثم الانتقال للعمل بجريدة الأحداث المغربية التي هي صاحبة الفضل عليك في ولوج عالم الصحافة المهنية لأن هذه الجريدة احترمت المقوم العلمي الذي كان حينها يتوج مسارك لتضع ثقتها في شهاداتك وتفتح مدادها لتسويد صفحة الرأي لكتابتك.

إعلان يمكن النقر عليه

إذن الجامعة العمومية المغربية هي التي منحتك منهجية الحضور العملي ومنهج تقويم مسارك تدرجا من طالب يقول كلاما في السياسة إلى ضيف على عالم الصحافة، وهذا ليس معيبا في حقك أو في حق أحد ولكن العيب كل العيب أن نخالف المثل القائل، (لا أبصق في البئر الذي أشرب منه).

والجامعة أصل ولا موطن للجثث فيها، وإلا لما كان الأستاذ الجامعي المغربي في كل التخصصات يعترف به في المحافل العلمية الدولية، وهو كلام بعيد عن لغة العاطفة الممزوجة بالانتساب، ولكن هي بلغة العقل والواقع والانتماء، وفي الوقت الذي أصاب النفس موطن الغرور بوضعها في مقام الحسنينية الهيكلية والبحث عن موقع كما هو حسنين هيكل، غاب عنك أن ظروف الزمان والمكان لا تتوافق ومبدأ الابتزاز والتصعيد لإثبات ذلك مع من يهمهم الأمر، لأن من يخول هذا الاستشراف وقراءة الوقائع واستكشاف المستقبل هو العلم، وهو ما لا ينال إلا بالجامعة التي دفنتها في مخيلتك.

الجامعة المغربية نبراس شرف يفتح أفق النضج الفكري والممارسة الميدانية والعملية النقدية بخلق الكرام، والمقامات ثلاث، سليم وسقيم وعقيم، وإذا كانت الجامعة في الأستاذ الجامعي تخضع لمنطق التقسيم، فكان من باب أولى أن تكون المقاربة موضوعية وليس كمن يرقص على الجثث في سينما إسقاطاته، كما أن الصحافة مقام تشريف لكونها مهنة التنوير والتقويم، ومهما أصابها من عفن الركمجة المتقلبة حسب المزاج، غير أن في جسمها شرفاء يحملون مشعل المكاشفة.

نحن لسنا جثث وإن كانت الجثة أولى من لحم الخنزير، لأن الميتة قبل أن تدخل في علة التحريم كانت حلال، ولكن المشكل في الخنزير، لأنه لا يحل لا حيا ولا ميتا، لذا نخشى أن تنطبع في ثقافتنا لغة الخنازير التي اجتاحت السوشل ميديا إلا من رحم الله تعالى من الشرفاء والغيورين على وطننا الحبيب المغرب.

والحمدلله تعالى أنك بشر مكرم، فأكرم مقامك بما يكتب في مقالك، والجثث موطنها القبور، والأخلاق موطنها الثغور، وليس كل عقيم سقيم.
وشرف الجامعة زينته الصحافة وشرف الصحافة زينته دعم الجامعة.

1 75 زيارة , 1 زيارات اليوم

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *