اوسار أحمد/
ما حدث في قطر لم يكن مجرد مشهد سياسي عابر، بل لحظة تعرية شاملة لنفاق مزمن، ولغفلة جماعية استمرت سنوات. بعض المغاربة، خصوصًا المنتمين لحزب العدالة والتنمية والعدل والاحسان أو المتعاطفين معهم، وجدوا أنفسهم فجأة أمام الحقيقة التي رفضوا رؤيتها طويلًا: لا أحد، لا قطر تميم ولا تركيا اردوغان ولا غيرها، تدعم غزة حبًا في فلسطين. كلها دول تبحث عن مصالحها أولًا، والباقي شعارات لتخدير الشعوب الساذجة.
قطر، التي طالما رُوّج لها عبر “الجزيرة” على أنها “قلب العروبة النابض” و”المدافع الشرس عن غزة”، وقّعت أمس شيكًا بمليارات الدولارات لصالح قاعدة العديد الأمريكية في قطر. هذه القاعدة ليست مجرد ثكنة، بل خط دفاع أول عن إسرائيل، وناقل لوجستي رئيسي للسلاح الأمريكي إلى تل أبيب.
الفضيحة لم تتوقف عند المال فقط. قناة الجزيرة، الذراع الإعلامي لقطر، تحولت فجأة إلى ماكينة ترويج للسردية الجديدة. وصفت الفصائل الفلسطينية في سوريا بأنها “تنظيمات إرهابية”، وتجاهلت تمامًا تصريحات الشرع رئيس سوريا المؤقت الذي دعا إلى علاقات طبيعية مع إسرائيل ودول الجوار بعد رفع العقوبات الأمريكية. الجزيرة، التي لا تتأخر عن وصف أي تقارب مغربي مع إسرائيل بـ”الخيانة”، اختارت الصمت حين تعلق الأمر بحلفائها ومصالحها .
السؤال هنا: أين اختفى بيادق البيجيدي الذين كانوا يتغنون بقطر؟ لماذا لا نسمع صوتهم اليوم؟ هل بلعتهم الصدمة؟ أم أن الواقعية السياسية لا تُستساغ إلا حين يكون المغرب هو من يطبّع ويتفاوض؟ ألم يكونوا هم أول من شكّك في الموقف المغربي من القضية الفلسطينية واتهم الدولة بخيانة “الثوابت”؟
الحقيقة المرة التي يرفض هؤلاء الاعتراف بها هي أن الدول لا تُحكم بالعواطف. “تازة قبل غزة ” ليست مقولة مغربية سطحية، بل قاعدة استراتيجية. المغرب، كأي دولة تحترم نفسها، يضع مصلحته فوق كل اعتبار. ومن لا يفعل ذلك ينقرض. المغرب لا يحتاج إلى دروس من تجار القضية، ولا إلى تصفيق من أبواق الجزيرة، ولا إلى رضا الاخوانجية.
المغرب لا يطعن في عدالة القضية الفلسطينية، لكننا نرفض المتاجرة بها. نرفض أن يتحول دعمنا لها إلى أداة يُجلد بها وطننا، بينما الباقون يبيعون ويشترون بها في غرف الفنادق والمكاتب السياسية.
إلى أولئك الذين يرون أنفسهم “قطريين أكثر من قطر”، و”فلسطينيين أكثر من فلسطين”، راجعوا أنفسكم. أنتم فقط أدوات تم استخدامها ورميها. أما المغرب، فقد اختار أن يكون دولة ذات سيادة، يكافح لتنمية وطنه وتعزيز أمنه وتطوير قدراته.
نعم، المغرب مع فلسطين، جلالة الملك محمد السادس يترأس لجنة القدس، يقدم ملايين الدعم ويبني مستشفيات ويمول مدارس ويقدم مساعدات منذ عشرات السنوات، نعم نحن مع فلسطين لكن من داخل مصالحنا.
وكما تقول الصحفية الوطنية نجيبة جلال دائما (حينما يتعلق الأمر بمصلحة المغرب فكلنا جنود للدفاع عنه، وفي الوطن وعليه ومن أجله لامساومات). اما للمغيبين من اتباع “البواجدة” أحيلكم على اخر حلقة من برنامج حديث الكنبة للاستاذة نجيبة جلال، حتى تفهموا وتستوعبوا حقيقة البيجدي .
1 132 زيارة , 1 زيارات اليوم