بلعباسي لـ”إكسبريس تيفي”: واشنطن لن تتسامح مع تعنّت الجزائر في ملف الصحراء والمغرب يدافع عن القيم الإنسانية في مواجهة نظام جزائري قمعي

بلعباسي لـ”إكسبريس تيفي”: واشنطن لن تتسامح مع تعنّت الجزائر في ملف الصحراء والمغرب يدافع عن القيم الإنسانية في مواجهة نظام جزائري قمعي

- ‎فيدولي, واجهة
Capture decran 2025 10 24 182802

راديو إكسبرس

البث المباشر

أوسار أحمد  _ اكسبريس تيفي

في هذا الحوار الخاص، يتحدث أكسل بلعباسي، القيادي البارز في حركة تحرير القبائل (الماك)، عن مستقبل العلاقات بين المغرب والجزائر، ودلالات التحركات الدبلوماسية الأخيرة التي تقودها واشنطن في شمال إفريقيا، وموقفه من مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، التي يعتبرها نموذجاً لحل النزاعات الإقليمية بطريقة سلمية وواقعية.Capture decran 2025 10 24 182810
بلعباسي، المقيم في المنفى منذ سنوات، يُعد من أبرز الأصوات القبائلية المعارضة للنظام الجزائري، ويتهم السلطة الحاكمة بممارسة “إبادة ثقافية وسياسية” ضد شعب القبائل، في ظل استمرار التضييق الأمني وملاحقة النشطاء.

 

س: في حال توصل المغرب والجزائر إلى اتفاق سلام، هل تعتقد أن المغرب سيظل ملتزمًا بدعم حقوق الشعوب في المنطقة، بما فيها قضية القبائل؟

ج: هذا سؤال جوهري لأن ما يميز السياسة المغربية هو بعدها الإنساني قبل السياسي.
المغرب لطالما تبنّى مواقف قائمة على احترام سيادة الدول، لكنه في الوقت نفسه لا يتخلى عن مبادئه الأخلاقية.
في قضية القبائل، أرى أن موقف المملكة واضح وثابت. فالمغرب يؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها بالطرق السلمية، ويرفض الاضطهاد أياً كان مصدره. وقد عبّر عن هذا الموقف عبر ممثليه في المحافل الدولية، حيث أدان الانتهاكات الممنهجة ضد الشعب القبائلي.
أعتقد أن هذا الموقف ليس ظرفياً أو مرتبطاً بحسابات سياسية، بل هو امتداد لرؤية مغربية شاملة تعتبر كرامة الإنسان أولوية.
من الصعب أن يتراجع المغرب عن هذا النهج، لأنه نابع من قناعة أخلاقية تشكل جزءاً من هوية دبلوماسيته.

س: كيف تقيّم دور الجزائر في استمرار النزاع حول الصحراء المغربية وتأثيره على الشعوب داخلها؟

ج: الجزائر هي من صنعت هذا النزاع وموّلته، ليس من أجل “تقرير مصير” الصحراويين، بل لإبقاء المغرب في حالة استنزاف دائم.
هذا الدور الممنهج لم يقتصر على الصحراء، بل أثّر سلباً على النسيج الداخلي الجزائري نفسه.
فبينما يرفع النظام شعارات التحرر وحقوق الشعوب، يمارس القمع ضد شعبه، خصوصاً القبائل الذين يُمنعون من التعبير.
النظام الجزائري يعيش على التناقض: يتحدث عن حرية الشعوب في الخارج، لكنه يخنقها في الداخل.
وهذه الازدواجية هي التي أفقدت الجزائر مصداقيتها في المحافل الدولية، وأظهرت أن قضية الصحراء بالنسبة لها مجرد ورقة ضغط، لا أكثر.

س: هل يمكن أن تمارس واشنطن ضغوطاً على الجزائر إذا رفضت مقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية؟

ج: نعم، لأن الموقف الأمريكي من هذا الملف تغيّر بشكل جوهري منذ 2020، حين اعتُرف بسيادة المغرب على صحرائه.
الولايات المتحدة تعتبر مبادرة الحكم الذاتي المغربية حلاً واقعياً وذا مصداقية، وتتعامل معه كمرجع أساسي في أي مفاوضات مستقبلية.
إذا استمرت الجزائر في التعنت ورفض الحوار، فمن الطبيعي أن تواجه ضغوطاً دبلوماسية متزايدة من واشنطن وشركائها الأوروبيين.
قد لا تكون هذه الضغوط عسكرية أو اقتصادية في البداية، لكنها ستتجسد في العزلة السياسية وتقليص الدعم الدولي للنظام الجزائري، خاصة إذا تم ربط موقفه بعرقلة جهود السلام والاستقرار في المنطقة.
الجزائر اليوم أمام مفترق طرق: إما أن تنخرط في مسار التعاون، أو تواجه عزلة غير مسبوقة.

Capture decran 2025 10 24 182821

س: ما فرص نجاح الوساطة الأمريكية في إلزام الجزائر بتوقيع اتفاق سلام خلال 60 يوماً؟

ج: نجاح الوساطة مرتبط بمدى استعداد النظام الجزائري لتغيير منطقه السياسي.
حتى الآن، لا مؤشرات حقيقية على ذلك، لأن المؤسسة العسكرية ما زالت ترى في التوتر مع المغرب وسيلة لتوحيد الجبهة الداخلية وصرف الأنظار عن الأزمة الاقتصادية والسياسية.
لكن مع الدعم الأمريكي القوي لمغربية الصحراء، ومع رغبة واشنطن في استقرار شمال إفريقيا، يمكن أن يتشكل ضغط حقيقي على الجزائر.
إذا ربطت الولايات المتحدة مصالح النظام الجزائري الاقتصادية والأمنية بالتعاون الإقليمي، حينها قد نرى تحولاً.
لكن المشكلة ليست في الوسطاء، بل في عقلية النظام الذي يرفض أي مبادرة لا تُبقيه في موقع السيطرة.

س: كيف ترى خطة ويتكوف للسلام بين المغرب والجزائر؟

ج: أعتبرها الفرصة الأخيرة لإنهاء عقود من التوتر.
الخطة الأمريكية واقعية لأنها تنطلق من الاعتراف بمغربية الصحراء كأمر محسوم دولياً، وتقترح مساراً للتعاون الإقليمي بدل المواجهة.
إذا استوعبت الجزائر هذه المتغيرات، يمكن أن تستفيد من هذا التحول لبناء مرحلة جديدة من التكامل لدول المنطقة.
لكن إذا أصرت على سياسة العزلة والعداء، فستجد نفسها خارج أي معادلة إقليمية فاعلة.
العالم يتغير بسرعة، والأنظمة التي تعيش على الصراعات لا يمكنها الاستمرار طويلاً.

س: هل النظام الجزائري مستعد لفتح حوار حول حقوق القبائل؟

ج: للأسف لا. النظام الجزائري قائم على مركزية صارمة، ترفض أي تنوع.
القبائل يواجهون سياسة تذويب ممنهجة، تُمنع فيها كل أشكال التعبير سياسيا كانت أو حتى ثقافيا.
النظام يستخدم قضية القبائل داخلياً لتبرير القبضة الأمنية، وخارجياً كحجة للتصعيد ضد المغرب،متهماً إياه “بدعم الانفصال ”
النظام لا يريد حواراً لأنه يدرك أن أي انفتاح حقيقي سيكشف هشاشته.

Capture decran 2025 10 24 182829

س: كيف يمكن للرأي العام المغاربي والعربي دعم حقوق القبائل ؟

ج: أولاً، دعم القبائل لا يعني التدخل في الشأن الجزائري، بل هو موقف تضامني مع شعب يُحرم من حقوقه.
يمكن للرأي العام المغربي أن يلعب دوراً محورياً عبر تبني خطاب إنساني وسلمي، يركز على الكرامة والعدالة لا على الصراع.
للجمعيات الأمازيغية في المغرب روابط تاريخية وثقافية مع القبائل، ويمكنها أن تنقل صوت القضية عبر الأنشطة الثقافية والإعلامية.
أما المجتمع المدني والإعلام المستقل، فيستطيعان إحداث فرق من خلال تسليط الضوء على معاناة الشعب القبائلي بشكل موضوعي.
كما أن الدول العربية، خصوصاً الخليجية، يمكن أن تضغط على الجزائر سياسياً واقتصادياً لتبني إصلاحات حقيقية داخلية.

س: ما رسالتك للشباب القبائلي في ظل هذا الوضع؟

ج: أقول لهم: المستقبل يُبنى بالنضال السلمي، لا بالعنف.
العمل المدني المنظم هو السبيل الوحيد لإسماع الصوت القبائلي في الداخل والخارج.
عليكم ببناء مؤسسات ثقافية ومجتمعية تُعبّر عن هوية القبائل، وتدافع عن الحقوق في إطار القانون الدولي.
التاريخ أثبت أن الشعوب التي تصمد وتنظم صفوفها تنتصر في النهاية، مهما طال الزمن.
النظام يمكن أن يسجن الأفراد، لكنه لا يستطيع أن يسجن الفكرة.

س: هل ترى رابطاً بين موقف الجزائر من الصحراء ورفضها الاعتراف بحقوق القبائل؟

ج: بالتأكيد. النظام الجزائري يعيش في مفارقة دائمة: يدّعي الدفاع عن “حق تقرير المصير” خارج حدوده، بينما يقمع هذا الحق داخلها.
هو يخشى أن فتح ملف القبائل سيؤدي إلى مطالب مماثلة في مناطق أخرى، لذلك يختار الهروب إلى الأمام بشعار “الوحدة الوطنية”.
لكن الاستقرار الحقيقي لا يتحقق بالقوة، بل بالعدالة والمصالحة الداخلية.
ما لم يعترف النظام بحقوق الشعوب الأصلية ويمنحها مكانتها، سيبقى يعيش على القمع والخوف.

س: ما أهم إنجازات حركة الماك على الصعيد الدولي؟

ج: رغم الصعوبات، نجحنا في جعل القضية القبائلية حاضرة في النقاش الدولي.
تمكّنا من إيصال صوت شعبنا إلى منظمات حقوقية، وإلى بعض البرلمانات الأوروبية.
لكن الطريق ما زال طويلاً، لأن الجزائر تمارس دبلوماسية عدوانية لتشويه نضالنا السلمي.
نحن نؤمن أن الشرعية الدولية في صفّنا، وأن التمسك بالمقاربة السلمية والديمقراطية هو ما سيمنح قضيتنا القوة والمصداقية.
كلما حافظنا على هذا النهج، ازدادت فرصنا في كسب تعاطف أكبر في العالم.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *