راديو إكسبرس
البث المباشر
بمبادرة من جمعية أولاد تيدرارين الأنصار للتنمية والثقافة والمحافظة على التراث وبشراكة مع كل الجهات المعنية ، عاشت جماعة أولاد المرابط بإقليم الصويرة، هذه الأيام، على إيقاع حدث استثنائي تمثل في تنظيم الموسم الديني والثقافي السنوي لتيدرارين، في نسخته التاسعة والأربعين. هذا الموعد، الذي أضحى تقليدا راسخا، يجمع بين الروحانية والاحتفاء بالتراث، وبين البعد الثقافي والتنموي، في فضاء يؤالف بين الضيوف من مختلف ربوع المملكة والقبائل الصديقة والشقيقة.
انطلاقة روحية وصحية بحضور رسمي و وازن
انطلقت الفعاليات ببرنامج غني انفرد باستقبال الضيوف الشرفيين والشعراء والشيوخ، تخللته قراءات قرآنية مؤثرة، والنشيد الوطني الذي وحد الحضور في أجواء مفعمة بالاعتزاز بالهوية. وإلى جانب الطابع الروحي، عرفت البرنامج العام تنظيم ندوة تحسيسية حول صحة المرأة والكشف المبكر عن السرطان، جسدت وعي المنظمين بأهمية البعد الاجتماعي والصحي للموسم. وتميز أيضا بتوزيع شواهد تقديرية تكريما للمشاركين، و بأمسية شعرية وموسيقية امتزج فيها الحس الروحي بجمالية الكلمة والنغمة، ، فقد انطبعت الأجواء بوصلات فولكلورية من التراث الحساني ومن روائع فن الكدرة التي عكست عمق التنوع الثقافي المغربي.
شهد الموسم لحظة بارزة تمثلت في استقبال السيد عامل الإقليم والوفد المرافق له، حيث افتتح اللقاء بآيات بينات من الذكر الحكيم، تلتها كلمات ترحيبية لرئيس الجمعية السيد عبدالرزاق تدراري ورئيس الجماعة وقد تميز حفل الافتتاح الرسمي بحضور فعلي ووازن، تقدمه السيد عامل إقليم الصويرة، والسيد الكاتب العام، والسيد رئيس المجلس العلمي، والسيد القائد الجهوي للدرك الملكي، والسيد القائد الجهوي للقوات المساعدة، إلى جانب السيد نائب رئيس الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا وشيخ الأنصار بمالي، والسيد عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، فضلا عن رجال القوات العمومية، والسيد رئيس المجلس الإقليمي، إضافة إلى ثلة من البرلمانيين والمنتخبين والسلطات المحلية، ورئيس جماعة أولاد مرابط. كما حضر الافتتاح أبناء قبيلة أولاد تيدرارين الأنصار من داخل الوطن وخارجه، إلى جانب الضيوف الكرام من القبائل الشقيقة الذين شرفوا المناسبة، مما أضفى على الحدث طابعا احتفائيا جامعا عزز قيم التضامن والتآخي وصلة الرحم.
بعدها، انطلقت سلسلة ندوات فكرية رفيعة المستوى، تناولت قضايا محورية مثل العدالة المجالية والحكم الذاتي، والعلاقات المالية المغربية والمبادرة الأطلسية كديناميكية أفريقية. وقد تميزت هذه الجلسات بمداخلات لممثلي المجتمع المدني وأعيان القبيلة، ما أضفى على النقاش بعدا تفاعليا يعكس روح الديمقراطية التشاركية والتنمية المندمجة، و يبرز مدى دور الموسم الفعال في الدبلوماسية الموازية وخدمة ثوابت القضية الوطنية انسجاما مع خيار الحكم الذاتي.
تتوجت فعاليات الموسم برفع برقية ولاء وإخلاص إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله، تجديدا للعهد والوفاء للعرش العلوي المجيد، قبل أن يتواصل البرنامج بمساء تراثي حي أضاءته ألوان الموسيقى الحسانية الأصيلة.
اتسم الموسم، أيضا ، بجلسات ودية خلال حفل شاي تكريمي للضيوف تلاه تقديم برقية شكر للسلطات المحلية والحضور، في جو من الاعتراف الجماعي بروح التضامن والتعاون التي ميزت هذا الحدث. وقد طويت صفحات الموسم في أجواء حميمية بتوديع الضيوف على وقع العرفان والامتنان، على أمل لقاء متجدد في النسخ القادمة.
بين التراث والتنمية
لم يكن هذا الموسم مجرد لقاء احتفالي، بل محطة لترسيخ قيم الموروث الثقافي والديني كعنصر جامع للذاكرة الجماعية، وفي الوقت ذاته مناسبة للتفكير في قضايا معاصرة مرتبطة بالصحة والتنمية والسياسة الترابية. هكذا جسد موسم تيدرارين الـ49، مرة أخرى، قدرة التقاليد على أن تكون رافعة للتنمية وروحا خالدة تسكن وجدان الجماعة.
في كلمته بالمناسبة، عبر السيد عبد الرزاق تدراري ، رئيس جمعية أولاد تيدرارين الأنصار للتنمية والثقافة والمحافظة على التراث ، عن عميق اعتزازه بانعقاد النسخة التاسعة والأربعين من هذا الموسم الديني والثقافي، مبرزا أن هذا اللقاء لم يعد مجرد تظاهرة محلية، بل أصبح محطة إشعاع روحي وثقافي واجتماعي تتجاوز حدود القبيلة إلى رحاب الوطن كله .وأكد أن الجمعية تسعى، من خلال هذا الموسم، إلى ترسيخ قيم التضامن والتكافل وصلة الرحم، وإلى إبراز غنى التراث الثقافي والروحي لقبيلة أولاد تيدرارين الأنصار، باعتباره جزءا لا يتجزأ من الهوية الوطنية. كما شدد على أن هذه المبادرة تأتي انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الداعية إلى صون التراث اللامادي وتعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية بين أبناء الوطن. وختم رئيس الجمعية كلمته بتوجيه الشكر الجزيل إلى جميع الحاضرين من شخصيات رسمية وأبناء القبيلة وضيوفها الأشقاء ، مؤكدا أن دعمهم يشكل حافزا لمواصلة الجهد والعمل من أجل تثمين هذا الموروث وتعزيز إشعاعه المستقبلي.
للتذكير فإن للسيد عامل إقليم الصويرة الفضل الكبير في إنجاح فعاليات الموسم الديني والثقافي لقبيلة أولاد تيدرارين الأنصار في نسخته 49، من خلال دعمه المستمر، وتشجيعه المتواصل على نهج الدبلوماسية الموازية، وإرساء جسور الانفتاح على العمق الإفريقي، اقتداء بالتوجهات الملكية السامية الرامية إلى تعزيز التعاون جنوب–جنوب، والانخراط في الأوراش الوطنية الكبرى.
