بموقع سجلماسة.. اكتشافات أثرية تزيح الستار عن أقدم مسجد وأول دليل لسك النقود بالمغرب

بموقع سجلماسة.. اكتشافات أثرية تزيح الستار عن أقدم مسجد وأول دليل لسك النقود بالمغرب

- ‎فيواجهة, ثقافة وفن, مجتمع
IMG 20250725 WA0181

 

 

شهد موقع سجلماسة الأثري بالريصاني، في جهة درعة-تافيلالت، اكتشافات أثرية غير مسبوقة، نفذها المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث (INSAP) خلال سنتي 2024 و2025، كشفت عن معالم عمرانية ودينية واقتصادية تعود إلى عشرة قرون، أبرزها أقدم مسجد مؤرخ في المغرب وأول دليل مادي على سك الدينار السجلماسي.

إعلان يمكن النقر عليه

تأتي هذه التنقيبات، التي غطّت مساحة تناهز 9000 متر مربع من النواة الحضرية للمدينة، ضمن جهود وزارة الشباب والثقافة والتواصل في صيانة وتثمين التراث الوطني. وقد أشرف على هذه العمليات، في مرحلتها الأولى الأستاذ لحسن تاوشيخت، قبل أن تتولى قيادتها الأستاذة أسماء القاسمي رفقة فريق مغربي بالكامل.

النتائج العلمية لهذه الحفريات، التي تُعد الأكبر منذ بدء الأبحاث بسجلماسة في سبعينيات القرن الماضي، أطاحت بعدة فرضيات سابقة، وساهمت في تقديم صورة دقيقة عن الحياة الدينية والعمرانية والاقتصادية للمدينة التي تأسست في نهاية القرن الثامن الميلادي.

الفريق الأثري تمكن من اكتشاف مجمع ديني يضم مسجداً كبيراً تبلغ مساحته 2620 متراً مربعاً، يتسع لـ2600 مصلٍّ، ويعود إلى عهد أبي المنتصر اليسع. المسجد شهد عدة مراحل عمرانية متعاقبة، امتدت من العصر المدراري إلى العهد العلوي، ما يجعله أقدم مسجد مؤرخ في المملكة.

كما كشفت التنقيبات عن قطع زخرفية استثنائية تعود للفترة المدرارية، بينها لقى جصية هندسية ونباتية وكتابية تُعد الأقدم في المغرب، وقطع خشبية مدهبة من العصر العلوي، تؤرخ لمستوى راقٍ من الزخرفة والفن المعماري الإسلامي في القرنين السابع عشر والثامن عشر.

ومن أبرز ما توصل إليه فريق البحث، العثور على قالب خزفي يحتوي على آثار ذهبية كان يُستخدم في سك العملات. الاكتشاف يعد الأول من نوعه بالمغرب والثاني في إفريقيا بعد موقع تادمكة في مالي، ويؤكد بالدليل المادي أن سجلماسة كانت مركزاً لصناعة الدينار الذهبي.

ولأول مرة، تم الكشف عن حي سكني علوي متكامل يعود للقرنين 17 و18، يضم 12 منزلاً مبنياً على أنقاض المسجد القديم. الحي يعكس تخطيطاً عمرانياً منظمًا، وتقدم لقى أثرية مستخرجة من غرف التخزين فيه معلومات دقيقة عن النظام الغذائي وأنماط الحياة في بيئة شبه صحراوية.

هذه النتائج تمنح سجلماسة موقعاً مركزياً جديداً في خارطة التراث المغربي والإفريقي، وتكشف عن مرحلة انتقالية في تاريخ الجنوب المغربي، تربط بين المدينة الوسيطية وبدايات الدولة العلوية.

المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث يواصل التحاليل المخبرية لعدد من المكتشفات الأثرية الأخرى، ومن المرتقب أن يتم الإعلان عن نتائجها لاحقاً، مما يُرتقب أن يعمّق فهمنا لدور سجلماسة في التبادلات الاقتصادية والثقافية العابرة للصحراء.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *