راديو إكسبرس
البث المباشر
اوسار احمد/
افتتحت رئاسة النيابة العامة بالصخيرات أشغال اللقاء الوطني حول “تنزيل العقوبات البديلة في ضوء العدالة الصديقة للأطفال”، الذي تنظمه بتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونسيف، بحضور ممثلي قطاعات حكومية ومنظمات دولية وفاعلين مدنيين معنيين بحقوق الطفل.
الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة هشام البلاوي، شدد في كلمته على أن مستقبل المغرب مرتبط بحماية وتأهيل أطفاله، باعتبارهم الثروة الحقيقية للرأسمال البشري. وذكّر بتوجيهات الملك محمد السادس الداعية إلى إدماج الطفل ضمن السياسات العمومية، مذكرا بالرسالة الملكية للمشاركين في المؤتمر الوطني لحقوق الطفل سنة 2013، التي دعت إلى تنسيق الجهود بين مختلف الفاعلين لتحسين أوضاع الطفولة.
واعتبر البلاوي أن مصادقة المغرب على الاتفاقيات الدولية المرتبطة بحقوق الطفل، تعكس التزامه الدولي برفاه هذه الفئة، مضيفا أن النيابة العامة جعلت حماية الأطفال في تماس مع القانون من أولوياتها منذ تأسيسها، عبر دوريات موجهة لقضاة النيابة تحثهم على تحري المصلحة الفضلى للأطفال.
وسجل رئيس النيابة العامة أن إصدار القانون 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، كان فرصة لإطلاق نقاشات وطنية حول آليات تفعيله، حيث دعت النيابة العامة منذ دجنبر 2024 إلى استباق تفعيله بتدارس مقتضياته وتحديد طرق إنجاح تنزيله. وأكد أن تنظيم هذا اللقاء يأتي لتسليط الضوء على مقاصد المشرع من هذا القانون، واستكشاف أفضل السبل لتحقيق التوازن بين تطبيق القانون وحماية مصالح الأطفال.
واستحضر البلاوي ما أقرته لجنة حقوق الطفل في التعليق العام رقم 10 لسنة 2007 من ضرورة تعزيز التدابير غير الاحتجازية مع الأطفال، إلى جانب قواعد الأمم المتحدة لإدارة قضاء الأحداث المعروفة بـ”قواعد بكين”، التي تحصر اللجوء إلى الاحتجاز في أضيق نطاق، وتحث على استبداله بإجراءات كالرعاية المركزة أو الإلحاق بمؤسسات تربوية.
وأكد أن فلسفة عدالة الأطفال تقوم على اعتبار كل طفل في تماس مع القانون ضحية لظروف شخصية واجتماعية، تستدعي حماية مصلحته الفضلى وإبقائه وسط أسرته وبيئته الطبيعية. وشدد على أن الإيداع بالمؤسسات السجنية يجب أن يظل الملاذ الأخير، مع التفكير في بدائل مثل العمل لفائدة المنفعة العامة أو التدابير الرقابية.
وأوضح أن العقوبات البديلة ليست فقط حلا للاكتظاظ داخل السجون، بل تمثل مقاربة إصلاحية وإنسانية تمنح الأطفال فرصة للإصلاح وإعادة الاندماج في محيطهم. ونبه إلى أن السجن قد يتحول إلى بيئة تطبع الطفل مع السلوك الإجرامي بسبب الاختلاط مع الجانحين، ما يجعل العقوبات البديلة خيارا حضاريا وأخلاقيا يعكس وعي المجتمع بمسؤولية حماية الطفولة.
وأشار إلى أن القانون الجديد يمنح القضاء صلاحية استبدال العقوبات السالبة للحرية بتدابير تتيح للطفل قضاء العقوبة في بيئة طبيعية، مع إخضاعه لنظام تتبع دقيق لضمان نجاعة هذه العقوبات تحت إشراف الجهات القضائية أو الإدارية المختصة.
وأكد البلاوي أن اللقاء الوطني يشكل مناسبة لتقييم وضعية عدالة الأطفال بالمغرب وتدارس الحلول الكفيلة بحمايتهم في تماسهم مع القانون، مع تبادل الممارسات الفضلى بين مختلف المتدخلين في انسجام مع المعايير الدولية والتشريعات الوطنية. وختم كلمته بالدعوة إلى تفكيك المقتضيات القانونية الجديدة وتوضيح أهدافها وكيفية تطبيقها وفق مبادئ العدالة الصديقة للأطفال، معبرا عن ثقته في أن توصيات اللقاء ستعزز صرح العدالة الإصلاحية بالمغرب تجاوبا مع التوجيهات الملكية.
![]()









