اوسار أحمد
يلاحظ اليوم ظاهرة غير مفهومة لدى بعض المغاربة، تتمثل في تضامنهم مع إيران ونصرتهم لها، وكأنهم يتنازلون عن فهم واضح لمصالحهم الوطنية. هذا التضامن يتجاهل حقائق لا يمكن إنكارها، أبرزها دعم إيران لحركة البوليساريو التي تمثل تهديداً مباشراً لوحدة المغرب الترابية وأمنه القومي. إيران ليست دولة محايدة، بل فاعل إقليمي يسعى إلى زعزعة استقرار بلدان المنطقة، من بينها المغرب.
تمويل وتسليح ميليشيات البوليساريو من طهران يوضح الوجه الحقيقي لهذا الدعم. هذا الدعم لا يستهدف فقط إشعال نزاع جيوسياسي، بل هو جزء من عقيدة النظام الإيراني المبنية على تفكيك الدول الاسلامية. في وقت يحتاج فيه المغرب لتماسك وحدته وترسيخ أمنه، تظهر هذه الأطراف التي تنادي بالتضامن مع إيران كمن يغض الطرف عن خطر حقيقي يهدد البلاد.
عندما ننتقل إلى ساحة العراق، نرى كيف لعبت إيران دوراً مدمرًا عبر تأجيج الفتنة الطائفية بتمويل وتسليح ميليشيات شيعية أفرغت الدولة العراقية من قوتها ومؤسساتها، ما حول العراق من دولة ذات ثقل في المنطقة إلى بلد مفكك هش، يعاني من انقسامات داخلية مستمرة وأزمات أمنية متكررة. هذا نموذج واضح لما تفعله إيران بدول المنطقة، كيف لمن يناضل من أجل أمن المغرب أن يتغاضى عن هذا الواقع؟
في سوريا، كانت إيران اليد التي ساعدت نظام بشار الأسد على سحق الثورة السلمية التي خرجت مطالبة بالحرية والكرامة. ميليشيات إيران ارتكبت مجازر وحشية، دمرت المدن وأغرقت سوريا في دوامة لا تنتهي من العنف والدمار. التضامن مع إيران هنا لا يعني إلا الوقوف إلى جانب قمع ممنهج، ضد الشعوب التي تسعى للخلاص.
لبنان مثال آخر على تدخلات إيران التخريبية. دعم حزب الله المدعوم من طهران أغرق لبنان في أزمات سياسية وأمنية واقتصادية لم يخرج منها حتى اليوم. بلد كان يوماً ما نموذجاً للاستقرار أصبح ساحة صراعات داخلية، وأدى ذلك إلى تدهور اقتصادي واجتماعي مستمر. هل يمكن لأي مغربي وطني أن يتجاهل هذه الحقيقة؟
أما في اليمن، فقد تسببت إيران بدعمها الحوثيين في كارثة إنسانية وأمنية مدمرة. الحرب المستمرة أدت إلى تراجع تنموي هائل وأزمة لا يقدر اليمنيون على تجاوزها. هذه التدخلات التي تعيد المنطقة إلى الوراء، تُعَد اختباراً قاسياً للضمير العربي وللوعي الوطني.
كل هذا يؤكد أن إيران ليست إلا قوة فوضى وتدمير. التضامن معها يعني الوقوف مع مشاريع تهدف إلى تفتيت الدول وتدمير شعوبها، وليس مع قضايا الحرية والاستقلال. على المغاربة أن يعوا حجم الخطر وأن يميزوا بين العواطف السياسية والحقائق التي تمس أمنهم ومستقبلهم.
هل يعقل أن يقف أي مغربي في صف قوة تدعم الإرهاب داخل وطنه وتغذي الأزمات في دول الجوار؟ هل يمكن القبول بأن يُساهم الفرد في شرعنة تدخلات تقوض استقرار المغرب والمنطقة؟ الواقع يتطلب موقفاً وطنياً صلباً يرفض المزايدات الخاطئة ويدافع عن مصالح البلاد وثوابته.
الوطنية اليوم هي أن تحمي حدودك، وأن تدافع عن أمنك، وأن ترفض كل من يحاول زرع الفتنة والاقتتال في محيطك. عليك أن تختار بوعي، بين مصالحك الحقيقية وأوهام التضامن التي قد تجرّك إلى الهاوية.