محمد الدغاي من المجون الجماعي إلى دروس التوحيد… مسيرة سقوط معلنة!

محمد الدغاي من المجون الجماعي إلى دروس التوحيد… مسيرة سقوط معلنة!

- ‎فيواجهة, رأي
IMG 20250615 WA0108

 

محمد تحفة/

إعلان يمكن النقر عليه

أولًا، لا يسعني إلا أن أشكر المدعو محمد الدغاي على يقظته الفكرية وحنكته النضالية في محاربة “ثقافة الأولياء والخرافة”، حتى وإن كانت هذه المعركة قد خاضها هذه المرة ضد نكتة عابرة، وردت في سياق ساخر، داخل برنامج واضح الهدف والطابع.

ثانيًا، إذا كان السيد الدغاي قد اعتبر أن ذكري لمولاي بوشعيب الرداد – في معرض التهكم والفكاهة – هو دعوة إلى الإيمان بالخرافة، فأدعوه أن يعرض جهاز الفكاهة عنده على الإصلاح، لأنه يبدو أنه يعاني من عطبٍ حاد في استقبال الإشارات الساخرة.

عندما قلت ساخرا و بالدف أن مولاي بوشعيب نزل عليّ “بوحي”، أو إنني تلقيت بشارة من الغيب، بل استحضرت شخصية رمزية في الثقافة الشعبية، كما يفعل الناس منذ قرون، ولكن يبدو أن أخانا لا يفرق بين استحضار الرمز، وتقديس الرمز. ربما أنت من لك حساسية من رموز ثقافتك المغربية وعجبت لمن لا يفقه ثقافة شعبه وتراثه أن يتنطع بتقديم نفسه حاملا لمشعل التنوير . أول ما نبدأ به في علم التواصل هو فهم رموز و سيميائيات المخاطب بفتح الطاء . Les codes so iaux.

أما عن “الانقلاب في غشت”، فهو ليس نبوءة بل خبر ، في برنامج فيه من الفرجة ما يجعل الحديث عن “الغيب السياسي” شكلاً من أشكال التهكم على هؤلاء الذين انتفضت للدفاع عنهم، لا على عقول العباد. لكن من لا يفقه في السخرية شيئًا، يظن أن كل من يضحك الناس… مهرّج على حساب الحقيقة.

يا نبي منطق آو فهيم زمانك ، لو أن الفكاهة تروّج للخرافة، لكان جحا نبيًّا، ولكنت أنت زعيم حركة تنويرية من الطراز الأندلسي.
لكنك – ويا للمفارقة – صرت بجهلك للسخرية… دجالًا يحارب الدجل!

ويا للعجب!
بدل أن يناقش فحوى الخبر، أو يسائل دقّته، انبرى ليتهجّم عليّ بسبب ذكر إلياس العماري الذي بعث اليه الدغاي رسالة واضحة غير مشفرة بأنه يعاني ضائقة مالية وأنه يعرض خدماته تحت الطلب.

الرسالة كانت واضحة:

الخبر حقيقي،

التقديم ساخر،

المرجع (مولاي بوشعيب) مجرد قفشة ثقافية، لمن يفهم.
لكن من تعوّد أن يعيش في نصوص الخطب والنشرات الرسمية، يصعب عليه أن يفقه لغة الإيحاء والفكاهة السياسية.

ثم، لنسأل أنفسنا:
من يروج فعلاً للخرافة؟
هل هو من يكشف الواقع في شكل ساخر؟
أم من يدافع عن هؤلاء و يبوح بعدم حبه للملك مثلك انت؟.

أنا لم أقدّم نفسي كـ “مبشّر شعبي”، ولا “داعية صوفي”، بل كصوت يمرر حقائق موجعة بوسيلة يمكن أن تضحك الناس وتوقظهم في آن.
أما أنت الدغاي، فقد بدا أنك “لا تُضحِك… ولا تُفيق”.
تحدّثنا عن خبر حصري بصيغة فكاهية، فأصرّ أن يجعل من قفشة إعلامية “مؤامرة كونية” ضد الملكية، وضربًا للعلاقة بين الأب وولي العهد، وتحريضا على المؤسسة العسكرية.
يا سلام!
هل قلتُ ذلك؟ لا.
هل لمّحتُ إليه؟ قطعًا لا.

قال الدغاي – في حكمة من حكمه الفيسبوكية – إن الانقلاب في المغرب “مستحيل”.
يا سلام!
هل هذا تحليل سياسي أم فتوى غيبية؟
هل أصبحنا نعيش في دولة من السماء لا تخضع لقوانين البشر؟

القول إن “الانقلاب مستحيل” ليس تحليلاً، بل تخدير سياسي.
والمؤسسات التي تصدّ كل تهديد، هي تلك التي تعرف أن التهديد ممكن دائمًا.
أما من يظن أن بلده يعيش في “فقاعة أبدية”، فليعد قراءة التاريخ، أو ليعتكف في ضريح مولاي الوهم.

أما أنا، فلم أبارك انقلابًا، ولم أتمنّه، بل ذكرت خبرًا حقيقيًا، وأضفيت عليه طابعًا ساخرًا.
لكن يبدو أن بعض الناس لا يحتملون السخرية من الهشاشة… لأنهم جزء منها.

نعم، المغرب تجاوز محطات صعبة، وصمد، لكن ليس بفضل الخطاب الخشبي، بل بفضل الوعي، الإصلاح، والانفتاح.
فلا تجعلوا من “استحالة الانقلاب” شماعة تبرر بها الركود، ولا تتهموا من يقرع الجرس بأنه يدقّ طبول الفتنة.
فالفرق كبير بين من يحذّر… ومن يحرّض.بين من يعلن حبه للملك و بين من يعلن عدم حبه بصفاقة
وبين من يقرأ الواقع… ومن يهرب منه إلى قصص وردية من تأليفه.

ثم بالله عليك، ما دخل العلاقة بين جلالة الملك وولي العهد في كل هذا؟
هل ذكرتُها؟ هل ألمحتُ إليها؟ هل حتى لوّحت بها من بعيد؟
لا.
لكن أخانا، على عادة من لا يجد ما يمسك به، قرر أن يُقحم علاقة الملك بولي العهد في موضوع سياسي عام، وكأنه يستخرج تأويلاته من أحلام منتصف القيلولة.

والأدهى من ذلك…
كأنه وهو يتحدث عن هذه العلاقة، ينبئنا بما يخفيه قلبه لا ما ورد على لساني.
فمن أين خرج له هذا الهاجس؟
هل هناك شيء لم نقله… يقلقه؟
أم أن عقله الباطن قد خانه، فقفزت نواياه إلى السطح قبل أن يضبطها لسانه؟

المنطق بسيط:
إذا قلت لك إن هناك حديثًا عن انقلاب، فالنقاش يكون حول المصدر، التحليل، والسياق السياسي.
أما من يُقحم فجأة العلاقة بين الأب وابنه، ويجعلها محور الحديث، فقد يكون يحاكم مشاعره الخاصة لا كلامي.

وهذا ما نسميه في علم النفس:
الإسقاط.
أن تنسب للآخرين ما يعتمل في داخلك.
وهو ما فعله الدغاي بالضبط: خلط السياسة بالأُسْرة، والنقد بالتجريح، ثم صرخ: “شوفو شنو قال!”

لكن لا عليك…
نعذرك، لأنك لو وعيت ما قلته فعلاً، بدل أن تُؤلّف قصّة من عندك، لكنت فهمت أني أعلّق على وضع سياسي عام، وليس على علاقات أسرية نكنّ لها كل الاحترام.

فمن الأفضل أن تحلل الأحداث بعقلك، لا بعاطفتك،
وأن تناقش ما قيل، لا ما تمنيت أن يُقال حتى تشنّ الهجوم.

قال سي محمد إن مجرد الحديث عن انقلاب أو تسريب تاريخه ينفي وجوده.
وكأن المخططات السياسية والعسكرية لا تُكشف إلا بعد أن تقع… أو لا تقع أبدًا!
هذا النوع من التفكير ينتمي إلى المدرسة الساذجة في التحليل السياسي، التي ترى العالم بلونين: إما انقلاب ناجح نراه على التلفزيون، أو “ماكاين والو”.

فلنوضح الأمور:

تسريب تاريخ الانقلاب لا يعني نفي وجوده، بل قد يكون:

والكل يعرف أن السياسة ليست مجرد لعبة شطرنج… بل لعبة أعصاب وتسريبات وتوازنات.

إن تسريب تاريخ انقلاب من المحيط القريب من إلياس العماري – كما علمنا من مصادر جدية – لا يعني أنه ألّف سيناريو خيالياً، بل ربما يكون جزءًا من صراع حقيقي داخل النخبة، صراع يريد فيه كل طرف أن يحرّك المياه راكدها ويقلب الطاولة لصالحه، عبر التحكّم في التوقيت والرواية.

فمن يظن أن الإعلان عن المؤامرة = غياب المؤامرة،
كمن يعتقد أن إعلان الطبيب عن الورم = شفاء المريض!

حين سُئل المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي عن الانقلابات التي لم تنجح، قال:

المخطط الفاشل لايعني أنها غير موجود بل لأن أحدهم نجح في تعطيله

خلاصة القول:
لا تسقطوا في فخ التحليل السطحي.
الأنظمة الذكية ترصد، تُسرّب، تُحذّر، وتُفاوض… دون أن تُعلن نشرة الانقلاب الرسمية.
ومن يظن أن كل ما لا يُبَثّ في نشرة الأخبار… غير موجود،
فهو ببساطة لا يفهم كيف تُدار الدولة.
في ليلة من الليالي، وبين النوم واليقظة، زارني مولاي بوشعيب الرداد — نعم، الولي الصالح بنفسه — وقال لي وهو يتنهد: “آش واقع فهاد الدنيا؟ حتى اللي ما قدّرش يحافظ على مراتو ولا يعرف أسماء ولادو ولا يفرق بين الطهارة والنجاسة، ولى كيدافع عليّا باسم الأخلاق والدين؟”.

قلت له: “سيدي، راه غير استشهدت بيك فبرنامج ترفيهي، والناس ولات كتغلي!”

جاوبني ضاحكًا: “طبيعي، حيث اللي مدمن على الجنس الجماعي، ومهجور من مراتو وولادو و مطرود من خدمتو لإفشاءه السر المهني و اللي مدوز خريزُّو مستحيل يتحمّل أي حديث عن النور، لأنو عايش فالعتمةو الظلمة!” شايلاها مولاي ب شعيب الرداد.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *