المغرب يدخل زمن المستقبل… ونخبة اليوم مطالبة بأن تكون في مستوى الوطن

المغرب يدخل زمن المستقبل… ونخبة اليوم مطالبة بأن تكون في مستوى الوطن

- ‎فيرأي, واجهة
Capture decran 2025 11 24 233622

راديو إكسبرس

البث المباشر

 

نجيبة جلال/

يدخل المغرب مرحلة جديدة تتخذ فيها التحولات طابعًا استثنائيًا؛ مرحلة لا تُقاس بمنطق انتظار النتائج، بل بمنطق صناعتها. من ترسيخ مبادرة الحكم الذاتي كمرجعية دولية لحل نزاع الصحراء، إلى إطلاق أوراش تنموية عابرة للأجيال في الأقاليم الجنوبية، ومن الاستعداد لاحتضان كأس إفريقيا وكأس العالم 2030، إلى مشاريع السيادة في الماء، والطاقة، والغذاء، والتصنيع والمعرفة… يتبلور أمامنا وطن يعيد تعريف موقعه في العالم بثقة هادئة وبخطى محسوبة.

غير أن المغرب اليوم يوجد في مفترق طريق حقيقي. فالعالم من حولنا يتغير، موازين القوة تعاد صياغتها، والمنافسة الدولية أصبحت أكثر قسوة وأقل رحمة. وفي هذا السياق الحساس، هناك ما لا يمكن السماح به إطلاقًا:
التلاعب باستقرار الوطن أو العبث بالمناخ السياسي والمؤسساتي والفكري الذي يسمح للتنمية أن تستمر وللمشاريع أن تنضج.

الاستقرار ليس شعارًا، بل شرط وجود. فدولة لا تحمي استقرارها لا يمكنها أن تحمي مدارسها ولا مستشفياتها ولا طرقها ولا استثماراتها ولا مستقبل أبنائها. ومن يريد التنمية الحقيقية لا يمكن أن يساوم في أساسها الأول: الأمن والطمأنينة والثقة في الدولة ومسارها.

ولذلك، البلد اليوم لا يحتاج إلى من يرفع صوته ضد المغرب، ولا إلى من يبادل مكاسب الوطن بمواقع صغيرة أو ضغائن شخصية، ولا إلى من يتاجر بقضاياه أو يصطف مع من يتربص به. لا مكان للخونة أو لمن يتسللون إلى الصف الوطني بشعارات كبيرة وقلوب صغيرة.

وفي المقابل، يحتاج المغرب إلى نخبة صادقة لا تساوم في مصالحه، نخبة لا تكتفي بحب الوطن، بل تمتلك أدوات خدمته: ثقافة راسخة، رصيدًا معرفيًا، قدرة على التعلم السريع، ووعيًا استراتيجيًا يستوعب تحولات العالم بعقل بارد وتحليل عميق. المرحلة الحالية لا ترحم المترددين، ولا تمنح مكانًا لمن يعتقد أن الدفاع عن الوطن يتم بالخطب وحدها.

اليوم نحتاج إلى مسؤول يعترف بما لا يعرف ثم يبحث.
نحتاج إلى سياسي يدافع عن الدولة لا عن مقعد.
نحتاج إلى إعلامي يحمي الحقيقة لا جمهور المنصات.
ونحتاج إلى فاعل عمومي يفكر بعقل 2030 و2050، لا بعقل الأمس العالق في مخاوفه.

المغرب يتحرك إلى الأمام، بسرعة لاعب دولي يعرف تمامًا أين يريد أن يصل. مشاريع الطاقة النظيفة، الأنابيب القارية، الموانئ الأطلسية، القطار فائق السرعة، مراكز الابتكار، الجهوية المتقدمة… كلها ليست مجرد منشآت وهياكل، بل شهادة على أن المغرب لا يريد أن يستقبل المستقبل، بل يريد أن يشارك في صناعته.

من لا يستوعب هذا الإيقاع سيتجاوزه الزمن.
ومن لا يدرك قيمة اللحظة سيكتفي بدور المتفرج المندهش.

إن المغرب لا يحتاج إلى نخبة تُرفع بالتصفيق،
بل إلى نخبة ترفع المغرب بالفعل:
بالعلم، بالشجاعة، بالمسؤولية، وبقدرة على تحويل الإمكانيات إلى إنجازات.

هذا هو التحدي…
وهذه هي اللحظة…
وامتحان المرحلة ليس ما نقوله، بل ما نقدمه لهذا الوطن الذي قرر أن يدخل زمن المستقبل بثقة كاملة في نفسه.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *