راديو إكسبرس
البث المباشر
أحالت الحكومة هذا الأسبوع مشروع القانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي إلى البرلمان، ما أثار موجة من الانتقادات والجدل في الأوساط الجامعية، ولا سيما لدى النقابات التي اعتبرت أن النص الجديد “لا يمثل إصلاحًا حقيقيًا، بل يشكل نكسة ديمقراطية وضربة موجعة للجامعة العمومية”.
ويأتي هذا المشروع في إطار تفعيل مقتضيات القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، الذي صدر سنة 2019. وبالضبط، المادة 17 من هذا القانون التي تنص على ضرورة مراجعة الإطار القانوني للتعليم العالي بهدف ملاءمته مع التوجهات الوطنية المتعلقة بتحديث المنظومة التعليمية.
وفقًا لما صرح به “وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار” خلال عرضه لمضامين المشروع أمام مجلس الحكومة، فإن النص يهدف إلى تحديد التوجهات الكبرى للسياسة العمومية في مجال التعليم العالي والبحث العلمي. كما يسعى إلى تنظيم هذا القطاع في مجالات متعددة، مثل الهيكلة، والحكامة، والهندسة البيداغوجية، إضافة إلى وضع آليات لتتبع وتقييم العمل في الجامعات والمؤسسات التعليمية العليا.
وقد شدد الوزير على أن الهدف من هذا التوجه هو رفع كفاءة المؤسسات التعليمية وتحديث المناهج والأنظمة التي تنظم عملها، بما يواكب التغيرات السريعة في مجالات العلوم والتكنولوجيا، ويواكب أيضًا التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها المملكة.
ورغم الأهداف المعلنة، إلا أن النقابات التعليمية تواجه المشروع بتصريحات حادة، معتبرة أنه “مجرد تكريس لمنهجية التدبير المقاولاتي” التي من شأنها أن تقوض استقلالية الجامعات المغربية. وتنتقد النقابات عدم إشراك ممثلي الأساتذة والباحثين في صياغة هذا المشروع، معتبرة أن هذه الخطوة تثير القلق بشأن مصير الجامعة العمومية في المغرب.
وفي هذا السياق، يُعبّر العديد من أساتذة الجامعات عن خشيتهم من أن يؤدي المشروع إلى تقليص الدور الأكاديمي والبحثي للجامعة، وبالتالي تدهور جودة التعليم والتكوين في المؤسسات التعليمية العليا. كما حذروا من أن فتح المجال لفتح فروع لمؤسسات أجنبية قد يؤدي إلى تراجع الدور الريادي للجامعات المغربية، ويجعلها مجرد “مؤسسات تعليمية تابعة” للمؤسسات الأجنبية.
من أبرز ما يطرحه مشروع القانون الجديد، السماح للأساتذة الجامعيين بالمشاركة في التكوين في مؤسسات التعليم العالي الخاصة، بشرط أن لا يؤثر ذلك على مهامهم داخل الجامعات العمومية. وبالرغم من أن هذا القرار يهدف إلى تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، فإنه يثير مخاوف حول تأثيره على جودة التعليم في المؤسسات العمومية.
ويرى منتقدو هذا التوجه أن العمل مع المؤسسات الخاصة قد يساهم في تحويل التعليم العالي إلى سلعة تجارية، ويُقلل من قدرة الجامعات على تقديم تعليم عالي الجودة لجميع فئات المجتمع، ما يؤدي إلى زيادة التفاوتات الاجتماعية والمجالية في الوصول إلى التعليم العالي.
المشروع يهدف كذلك إلى تنويع مصادر تمويل التعليم العالي والبحث العلمي عبر تعزيز المداخيل الذاتية للجامعات العمومية، وتشجيع الاستثمار في مجالات التكوين والبحث من خلال تفعيل فرص الشراكة مع القطاع الخاص. بينما يرى البعض في هذه الخطوة فرصة لتحسين الوضع المالي للجامعات وتوفير إمكانيات أكبر للبحث العلمي، يعتقد آخرون أن الشراكة مع القطاع الخاص قد تؤدي إلى التأثير على استقلالية الجامعة، وتضع مصالح المستثمرين فوق مصالح الطلاب والباحثين.
![]()








