يجب أن يمتد دور النساء في الحرب إلى السلام

يجب أن يمتد دور النساء في الحرب إلى السلام

- ‎فيمقالات رأي دولية, واجهة
كارولين تشيسادزا

كارولين تشيسادزا : أستاذة مساعدة في الاقتصاد بجامعة بريتوريا

إعلان يمكن النقر عليه

رغم كل التقدم المحرز على صعيد المساواة بين الجنسين على المستوى العالمي، لا يزال الكثيرون يميلون إلى اعتبار النزاعات المسلحة مجالا خاصا بالرجال، لكن الواقع أن النساء غالبا ما يكنّ حاسمات في مثل هذه السياقات، سواء من خلال أدوار قتالية، غير قتالية، أو قيادية، ومع ذلك، يتم تهميشهن بشكل روتيني في عمليات السلام الرسمية وإعادة بناء الحكم بعد النزاعات، وهذا النمط يعكس فشلا أخلاقيا وعمليا.

خلال النزاعات المسلحة، تصبح النساء أكثر عرضة للإبادة الجماعية والاتجار بالبشر والاستعباد والعنف الجنسي، بما في ذلك ما يترتب عليه من مخاطر صحية وصدمات نفسية، وهذا وحده يكفي ليمنحهن الحق في المشاركة في عمليات السلام. لكن النساء لسن مجرد ضحايا سلبيات للنزاع: كما رأينا في أوكرانيا، يساهمن بشكل كبير خلال الحرب، سواء في ساحات القتال أو ضمن المجتمع المدني وكمناصرات للسلام.

من هذا المنطلق، كثيرا ما تزداد قدرة النساء على الفعل واتخاذ القرار خلال فترات النزاع، رغم المخاطر التي يواجهنها. لكن عندما يتم استبعادهن لاحقا من مفاوضات السلام وما يليها – كما هو الحال حتى الآن في أوكرانيا – يتم التراجع عن هذه المكاسب، وتعاد فرض الأعراف الجندرية القديمة، ويبرز هذا بشكل خاص في الدول التي تعاني من هياكل أبوية أكثر ترسخا.

لقد فشلت الأطر القانونية التي تروج لإشراك النساء في حل النزاعات وبناء السلام وإعادة الإعمار ما بعد النزاع في تحقيق تحول حقيقي، ويرجع ذلك جزئيا إلى تحديات التنفيذ والتشغيل، فعلى سبيل المثال، يدعو قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325، الصادر عام 2000، جميع الأطراف إلى زيادة مشاركة النساء ودمج المنظور الجندري في جميع جهود الأمم المتحدة في مجالي السلام والأمن، لكن، وحتى عام 2018، لم يسجل ارتفاع ملحوظ في عدد النساء الموقعات على اتفاقيات السلام.

وهذا يحمل تداعيات مهمة على مضمون اتفاقيات السلام ونتائجها، في دراسة حديثة، استخدمت مع زملائي ماثيو كلانس، روموالد مينغو، وتشارل فان شور تقنية معالجة اللغة الطبيعية لتحليل استخدام اللغة الجندرية (مثل كلمات: رجل، فتاة، ولد، هي، هو، أنثى، ذكر، زوجة، ابنة) في اتفاقيات السلام المبرمة بين 1990 و2023، أنشأنا “مؤشر انحياز جندري” تراوح بين -0.6 إلى 0.6، حيث تشير القيم الأقل إلى انخفاض استخدام اللغة الجندرية، وبالتالي تركيز أقل على نتائج تراعي النوع الاجتماعي.

لم تظهر أي من الاتفاقيات المدروسة مؤشر انحياز جندري مرتفعا بشكل خاص، وحتى تلك التي استخدمت لغة جندرية بشكل أكبر – بما يعكس تحيزا إيجابيا نسبيا تجاه النساء – لم تكن بالضرورة مرتبطة بتحسينات جوهرية في قدرة النساء على التأثير، بمعنى آخر، حتى الأطر التي تعترف بعدم المساواة الجندرية لم تحقق تغييرا ملموسا.

المشكلة تكمن في أن الإشارات إلى النوع الاجتماعي لم تكن مصحوبة بمتطلبات ملموسة، فضلا عن آليات مراقبة وتنفيذ، فعلى سبيل المثال، قد تدعو اتفاقية سلام إلى زيادة المشاركة السياسية للنساء، دون أن تحدد أهدافا ملزمة، وبالتالي لا تفضي إلى نتائج تذكر، ويمكن لهذا النهج أن يضر بالمساواة الجندرية، لأنه يوهم بوجود تحرك فعلي بينما لا يحدث شيء على أرض الواقع.

كما أظهرت دراسات أخرى أن مكونات نزع السلاح، وتسريح الجنود، وإعادة الإدماج (DDR) في اتفاقيات السلام نادرا ما تتطرق إلى النساء، وهذا يقوض إعادة تأهيل النساء المقاتلات، اللواتي قد يستبعدن من البرامج المخصصة لنظرائهن من الرجال.

وقد أثبتت الأدلة أن إشراك النساء في عمليات حل النزاعات وبناء السلام يؤدي إلى نتائج أفضل للجميع. فقد بينت تحليلات عام 2018 وجود “ارتباط قوي” بين إشراك النساء كموقعات على اتفاقيات السلام واستدامة السلام الذي يليها. كما أن الاتفاقيات الموقعة من قبل نساء تتضمن عادة عددا أكبر من البنود التي تركز على الإصلاح السياسي، وتحقق معدلات تنفيذ أعلى لتلك البنود.

في السلفادور، منح الاتفاق الموقع عام 1992 – والذي أنهى حربا أهلية دامت 12 عاما – فوائد نزع السلاح وإعادة الإدماج للمقاتلات النساء، كما شمل النساء غير المقاتلات من حركة المعارضة في برامج إعادة الاندماج، وقد لعبت النساء لاحقا دورا محوريا في عمليات الاستقرار والمساهمة في جهود إعادة الإعمار، وسجلت المجتمعات التي تلقت دعما منهجيا ومستمرا تقدما أكبر في مجال المساواة الجندرية، وفي التنمية بشكل عام.

وبالمثل، في ليبيريا، شاركت النساء في المفاوضات التي أنهت أكثر من عقد من الحرب الأهلية في أوائل الألفية، وقد زاد التمثيل النسائي في السياسة بشكل كبير لاحقا، حيث أصبحت إلين جونسون سيرليف في عام 2005 أول امرأة تنتخب لرئاسة دولة في أفريقيا.

الرسالة واضحة: يجب إشراك النساء في جميع جوانب عمليات السلام، من تصميم الاتفاقيات وتفاوضها وتوقيعها، إلى تنفيذ خطط الاستقرار وإعادة الإعمار بعد النزاع، كما يجب أن يتاح لهن الوصول إلى جميع برامج الدعم ذات الصلة، مثل تلك الخاصة بـDDR، والمبادرات التي تستجيب للاحتياجات الجندرية.

وعلى نطاق أوسع، يجب أن تعترف عمليات السلام صراحة بقدرة النساء على اتخاذ القرار وتعمل على تعزيزها، وهذا لا يعني الاكتفاء بالتأكيد على أهمية النساء بلغة فضفاضة تخفف من المسؤولية، بل إن دعم قدرة النساء على صنع السلام وبناء المستقبل ما بعد النزاع يتطلب اتخاذ تدابير ملموسة وقابلة للتنفيذ، لضمان حقوقهن وتوسيع مشاركتهن في جميع مجالات صنع القرار.

1 18 زيارة , 1 زيارات اليوم

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *