راديو إكسبرس
البث المباشر
نجيبة جلال/
في لحظة فارقة من مسار تحديث القدرات الدفاعية، أطلق المغرب أول مشروع من نوعه لتصنيع العربات المدرعة محلياً، في تجسيد عملي لرؤية المملكة في بناء قاعدة صناعية عسكرية مستقلة ومتكاملة. ويأتي هذا المشروع ليضع اللبنات الأولى لقطاع دفاعي وطني واعد، يعزز السيادة الصناعية ويواكب المتغيرات الجيوسياسية والأمنية في المنطقة.
شراكة استراتيجية مع الهند في الصناعات الدفاعية
يقوم هذا المشروع الحيوي في إقليم برشيد على شراكة مغربية هندية بين إدارة الدفاع الوطني وشركة Tata Advanced Systems Limited (TASL)، الذراع الدفاعي لمجموعة “تاتا” الهندية. ويجسد هذا التعاون نموذجاً للانفتاح الذكي على الشركاء الدوليين، القادرين على نقل الخبرة والتكنولوجيا في مجالات ذات طابع استراتيجي، وفي طليعتها الصناعات العسكرية.
وحدة إنتاجية للعربات القتالية البرية من طراز WhAP 8×8
المصنع المرتقب سيُخصص لإنتاج العربة القتالية المدرعة WhAP 8×8، وهي ناقلة جند برمائية متعددة المهام، صُممت للعمل في البيئات الأكثر تحدياً، وتتميز بمرونة تكتيكية عالية، وقدرة على حماية الأطقم ونقل الجنود في ظروف قتال معقدة. ومن المنتظر أن تُنتج الوحدة الصناعية أزيد من 400 عربة، من بينها 150 موجهة للقوات المسلحة الملكية بنُسخ ومواصفات عملياتية متعددة.
تصنيع محلي بنسبة إدماج تدريجية
المشروع سيُنجز خلال 36 شهراً، ويعتمد في بدايته على نسبة إدماج محلي تناهز 35%، ترتفع تدريجياً إلى 50%، بما يعكس توجهاً وطنياً راسخاً نحو توطين الصناعة الدفاعية وتكوين كفاءات مغربية متخصصة. ومن شأن هذا التصور أن يُقلص التبعية للخارج، ويُرسّخ مفهوماً جديداً للأمن الصناعي الوطني.
عائدات اقتصادية وتشغيلية واعدة
من الناحية الاقتصادية، سيساهم المشروع في خلق ما لا يقل عن 90 وظيفة مباشرة و250 وظيفة غير مباشرة، فضلاً عن تحفيز نسيج صناعي محلي مرتبط بسلاسل الإمداد الدفاعية. كما حُدّدت الطاقة الإنتاجية للمصنع في 100 عربة سنوياً، ضمن رؤية متوازنة تراعي المعايير البيئية والتنموية، حيث تُجرى دراسة الأثر البيئي بين 28 يوليوز و16 غشت 2025، تطبيقاً لأحكام القانون 12-03 المتعلق بدراسات التأثير على البيئة.
نحو صناعة دفاعية وطنية مستقلة
لا تُعد هذه الخطوة منعزلة عن المسار الاستراتيجي العام الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، والذي يضع من بين أولوياته بناء قاعدة صناعية عسكرية مغربية، تستند إلى الابتكار، الشراكات الذكية، والاعتماد على الذات. ويأتي المشروع في سياق دينامية تطوير القوات المسلحة، التي باتت تعتمد على تكنولوجيا متقدمة تشمل الطائرات المسيّرة، والمروحيات الهجومية، وأنظمة الدفاع الجوي والصواريخ بعيدة المدى، في تعاون وثيق مع شركاء مثل إسرائيل، الولايات المتحدة، وتركيا.
بهذا المشروع، يدشن المغرب عهداً جديداً في مسار السيادة الدفاعية، حيث لم تعد المملكة مجرد مستورد للسلاح، بل باتت على أعتاب أن تكون مُنتجاً ومطوّراً لمنظومات قتالية متكاملة، في انسجام تام مع التحديات الإقليمية وتطلعات الأمن القومي المغربي.

![]()









