قطارات متأخرة في زمن السرعة.. متى يلتحق الخليع بقطار التنمية؟

قطارات متأخرة في زمن السرعة.. متى يلتحق الخليع بقطار التنمية؟

- ‎فيمجتمع, واجهة
IMG 20250708 WA0113

راديو إكسبرس

البث المباشر

 

هيئة التحرير/

في زمن تتسابق فيه الدول لتطوير أنظمة نقل ذكية وسريعة، يعيش المسافر المغربي يوميًا على إيقاع تأخيرات مزمنة، بل وفوضى تنظيمية لا تنسجم مع الصورة التي يروج لها المكتب الوطني للسكك الحديدية. من التأخر المفاجئ، إلى الإلغاء غير المعلن، مرورًا بانعدام أي تواصل فعّال مع الركاب، تتكرر مشاهد الإرباك دون حلول ملموسة أو اعتراف رسمي بحجم الخلل.

القطارات تتأخر دون سابق إنذار، وأحيانًا تُلغى الرحلات في اللحظة الأخيرة، دون أن تكلف الإدارة نفسها عناء تقديم تبرير واضح أو اقتراح بديل محترم. الركاب يُتركون على الأرصفة في انتظار قطار قد لا يأتي، أو يُطلب منهم الصعود إلى عربات مكتظة أساسًا، في مشهد لا يعكس الحد الأدنى من التنظيم أو الكفاءة. يحدث هذا في محور الرباط–الدار البيضاء–القنيطرة، أكثر خطوط السكك الحديدية نشاطًا في البلاد، والذي يُفترض أن يكون واجهة نموذجية للخدمة العمومية.

هذا الوضع يكشف عن اختلالات عميقة في التدبير، تتجاوز الأعطاب التقنية لتصل إلى غياب ثقافة التواصل، وتجاهل تام لحقوق الراكب. فلا توجد إشعارات فورية عند التأخير، ولا نظام تعويض واضح، ولا اعتراف بالأخطاء، وكأن المواطن مجبر على القبول بالوضع دون احتجاج.

المكتب الوطني للسكك الحديدية كثيرًا ما يروّج لإنجازاته المرتبطة بالبنية التحتية، وخط البراق فائق السرعة، ومحطات جديدة بمواصفات عالمية. لكن تلك الاستثمارات تفقد قيمتها حين تعجز المؤسسة عن ضمان خدمة منضبطة للرحلات اليومية التي تمثل الشريان الحقيقي لحركة الاقتصاد والتعليم والعمل. فما فائدة قطار سريع يربط طنجة بالدار البيضاء، إذا كانت القطارات التي تنقل المواطنين بين المدن الكبرى في محور الوسط تتأخر بشكل يومي، وتُلغى دون سابق إنذار؟

الخلل لا يكمن في الطقس، أو العطب المفاجئ، بل في غياب المساءلة وضعف التخطيط. الإدارة تُدير المرفق بعقلية احتكارية، دون أن تواكب متغيرات مجتمع بات يطالب بالخدمة مقابل الثمن، ويُحمّل المسؤولية لكل من يُخلّ بوعد الانتظام والشفافية. المواطن لا يطلب المعجزات، بل فقط احترام وقته، إخباره في الوقت المناسب، وتوفير بدائل تحترم كرامته.

في بلد يراهن على التحول الطاقي والتقدم الرقمي، لا يمكن قبول هذا المستوى من العشوائية في مرفق حيوي. الإصلاح لا يمر فقط عبر الصفقات والبنايات الحديثة، بل عبر تغيير العقليات، ووضع الزبون في صلب المعادلة، ومحاسبة المسؤولين عن أي إخلال.

ربيع الخليع، بصفته المشرف الأول على هذا المرفق، مطالب بإعادة ترتيب الأولويات. فنجاح التجربة المغربية في مجال السكك لا يُقاس بالبراق، بل بقدرة القطار العادي على الوصول في وقته. وعندما يصبح التأخر عادة، وتنعدم الشفافية، لا يعود القطار وسيلة نقل، بل وسيلة استنزاف يومي للأعصاب والكرامة.

المغاربة لا يطلبون الكثير، فقط قطارات تصل في وقتها، معلومات دقيقة عند حدوث طارئ، وتعامل يليق بمواطن يؤدي ثمن التذكرة، ويستحق خدمة عمومية تحترم ذكاءه وتقدّر وقته. إلى أن يتحقق ذلك، سيظل السؤال قائمًا: متى يلتحق المكتب الوطني للسكك الحديدية، تحت قيادة ربيع الخليع، بقطار التنمية؟

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *