مكتب القنيطرة /
شهدت مدينة القنيطرة صباح اليوم تطورًا لافتًا في قضية الطفلة التي ظهرت في عدة فيديوهات وهي تنفذ سرقات من داخل محلات تجارية بحي الخبازات، بعد أن تم اعتقال والدتها من طرف مصالح الأمن، إثر ثبوت تورطها في تحريض ابنتها القاصر على ارتكاب تلك الأفعال.
الفيديوهات التي وثّقت هذه السرقات أظهرت الأم وهي ترافق الطفلة، وفي أحيان أخرى كانت في انتظارها خارج المحلات، ما جعل المحققين يرجحون فرضية وجود شبكة صغيرة منظمة تستغل براءة الطفلة لصالح عمليات سرقة ممنهجة.
وتأتي هذه الخطوة الأمنية بعد تزايد عدد الشكايات المقدمة من طرف تجار منطقة الخبازات، والتي تجاوزت اثنتي عشرة شكاية، جميعها موثقة بتسجيلات مصورة توضح كيف تدخل الطفلة إلى المحلات التجارية وتقوم بسرقة أموال وأغراض ثمينة بخفة ومهارة لافتتين، قبل أن تغادر بكل هدوء إلى حيث تنتظرها والدتها أو نساء أخريات تم رصدهن عبر بعض المقاطع، وهنّ يتولين المراقبة من بعيد.
هذه الواقعة ليست الأولى التي يتم فيها ضبط الطفلة، إذ سبق أن تم توقيفها قبل أشهر بعد سرقة مبلغ مالي مهم من محل متخصص في الوجبات السريعة، وقد تم حينها تسليمها إلى الشرطة، إلا أنها أُفرج عنها بسبب صغر سنها، باعتبار أن القانون المغربي لا يجيز متابعة الأطفال دون سن الثانية عشرة جنائيًا. ويبدو أن هذا المعطى القانوني استُغل من طرف من يُشغّلون الطفلة، مما فتح الباب أمام تكرار الأفعال دون مساءلة فعلية.
عدد من التجار عبّروا عن امتعاضهم من تكرار عمليات السرقة، خاصة بعد أن تبين أن من يقف خلفها ليس طفلة ضالة أو مضلَّلة فحسب، بل أفراد من محيطها العائلي الذين لم يترددوا في الزج بها في أفعال تجرّمها القوانين وتحطّ من كرامة الطفولة. وتعالت الأصوات مطالبة بتوسيع التحقيق ليشمل كل من ظهر في الفيديوهات، وكذا بتشديد المراقبة الأمنية في الأحياء التجارية المعروفة بالحركة، حفاظًا على الأمن الاجتماعي وحقوق أصحاب المحلات.
وقد فتحت المصالح الأمنية تحقيقًا موسعًا لتحديد كافة المتورطين في هذه السرقات المتكررة، خاصة في ظل ما كشفته التسجيلات من وجود تحركات مشبوهة لأطراف راشدة ترافق الطفلة وتبدو على دراية بسير العمليات. من جهتهم، دعا نشطاء في مجال حماية الطفولة إلى اعتبار هذه الفتاة ضحية قبل أن تكون فاعلة، ومطالبة الجهات المختصة بإخضاعها لبرنامج حماية وإعادة تأهيل نفسي واجتماعي، يضمن فصلها عن المحيط الذي دفع بها إلى هذا المسار.
الحادثة أعادت إلى الواجهة النقاش حول استغلال الأطفال القاصرين في ارتكاب الجرائم، مستفيدين من فراغات قانونية أو ضعف في التدخلات الاجتماعية، ما يستدعي تحركًا جادًا من مختلف الفاعلين، لوضع حد لهذا النوع من الانحراف العائلي الذي لا يهدد فقط حاضر الطفولة، بل يزرع أيضًا بذور الانفلات والاضطراب داخل المجتمع.