احمد اوسار/
غادر مصطفى متشوق السجن بعد ثلاث سنوات قضاها بتهمة السرقة. لم يكن هذا اسمه الحقيقي، بل لقّب نفسه به كما فعل رفيقه بوشعيب زيناني. منذ صغره، كان طفلاً مشاغباً، انحرف بعد وفاة والده، وترك المدرسة ليبدأ في السرقة. لم تتوقف جرائمه عند هذا الحد، بل تصاعدت إلى اختطاف الأطفال وقتلهم، ليصبح أكثر المجرمين رعباً في الدار البيضاء خلال النصف الثاني من السبعينيات.
في فبراير 1978، تحولت محاكمته إلى حدث استثنائي. امتلأت المحكمة الإقليمية بالدار البيضاء بجماهير لم يسبق لها مثيل. كانت التهم الموجهة إليه ولشريكه ثقيلة: القتل العمد، اختطاف الأطفال، طلب الفدية، محاولة قتل رجال الأمن، وتكوين عصابة إجرامية. لم تتردد المحكمة في الحكم عليهما بالإعدام دون أي ظروف تخفيفية.
بدأت فصول الجرائم قبل ذلك بعام، حين استلهم متشوق فكرة اختطاف الأطفال بعد مشاهدة فيلم عن عصابة تهدد ضابط شرطة بخطف ابنه. قرر أن يحوّل الخيال إلى واقع، فتولى عمليات الاستدراج والتفاوض، بينما كان زيناني ينفذ عمليات القتل وإخفاء الجثث.
في مارس 1977، وقع الاختيار على الطفل عبد الرحيم صابر. بعد مراقبة طويلة، اقترب منه متشوق عند باب منزله، واكتسب ثقته بإيهامه بأنه سيساعده في الوصول إلى متجر والده. شاهدت ابنة عمه المشهد، لكنها لم تشك في الأمر بعدما طمأنها الطفل. في الليل، بعدما تناول الخمر مع زيناني، اقتادا الطفل إلى بئر، خنقاه بربطة عنق، ثم ألقيا بجثته عارياً.
لم يكتفِ متشوق بالجريمة، بل بدأ في ابتزاز عائلة الضحية. أرسل رسائل تهديدية، طالب بفدية قدرها عشرة آلاف درهم، وكلف طفلاً آخر باستلامها. بعد أشهر، طالب بمبلغ إضافي، لكن والد الطفل اشترط دليلاً على أن ابنه لا يزال حياً. عندها، قرر متشوق قطع الاتصال والبحث عن ضحية أخرى.
في أكتوبر 1977، اختطف الطفل محمد شدادي، ذو الخمس سنوات. حرص هذه المرة على التقاط صور له، قبل أن يقتله بالطريقة نفسها ويلقي بجثته في البئر. طالب بفدية أخرى، واستلمها عن طريق طفل آخر جنده لخدمته.
لم تكن هذه أول جرائمه. في مارس 1975، صدر بحقه حكم غيابي بالإعدام في مكناس، لكنه كان حينها قد بدأ تنفيذ خطته الإجرامية في الدار البيضاء. في نونبر 1978، عثرت الشرطة على جثة طفل آخر في ساحة مهجورة أمام مدرسة لالة ميمونة، مطعوناً بسكين عدة مرات.
مع تصاعد الرعب، ألقي القبض عليه مع شريكه. خلال المحاكمة، بدا متشوق رابط الجأش، ذكياً ومراوغاً، بينما كان زيناني منهاراً غير قادر على استيعاب الموقف. مساء 24 فبراير 1978، أصدرت المحكمة حكمها بالإعدام في حقهما. انهار زيناني فور سماع الحكم، بينما ظل متشوق ثابتاً، وكأنه غير معني بالمصير الذي ينتظره أمام كتيبة الإعدام.