داء الحصبة في المغرب ليس حالة استثنائية – تهديد عالمي يتطلب استجابة حازمة

داء الحصبة في المغرب ليس حالة استثنائية – تهديد عالمي يتطلب استجابة حازمة

- ‎فيصحة, واجهة
بوحمرون

متابعة

إعلان يمكن النقر عليه

لا يعد المغرب حالة استثنائية في مواجهة مرض الحصبة، بل هو جزء من معركة صحية عالمية تتصدى فيها العديد من الدول لعودة هذا المرض، الذي كان قد تم القضاء عليه جزئيًا بفضل حملات التلقيح المكثفة في السنوات الماضية.

في عام 2023، سجلت منظمة الصحة العالمية زيادة كبيرة في حالات الإصابة بالحصبة، بنسبة 20% مقارنة بالسنوات السابقة، حيث تم تسجيل 10.3 مليون حالة إصابة حول العالم، ما أسفر عن وفاة نحو 107,500 شخص، أغلبهم من الأطفال الذين لم يتلقوا اللقاحات أو الذين يعانون من نقص في التلقيح.

كما أن المغرب، شأنه شأن العديد من الدول الأخرى، شهد بداية تفشي هذا المرض مجددًا، إذ ظهرت أولى الحالات في جهة سوس ماسة في أكتوبر 2023، ثم انتشر تدريجيًا إلى عدة جهات أخرى، مثل مراكش-آسفي، فاس-مكناس، والدار البيضاء-سطات.

حتى 20 يناير 2025، تم التحقق من تلقيح أكثر من 7.98 مليون طفل في المغرب، وهو ما يعادل 76.3% من الهدف المحدد في إطار حملة التلقيح. ورغم هذه الجهود، لا يزال هناك تحدٍ كبير يتمثل في تراجع الإقبال على اللقاح، وهو ما يعود جزئيًا إلى تأثيرات جائحة كوفيد-19، التي ساهمت في نشر الشائعات والمعلومات المغلوطة بشأن سلامة اللقاحات.
هذا التراجع في نسبة التلقيح يساهم في تفشي الحصبة، ما يعكس ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لتدارك الوضع.

تحت إشراف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أطلقت السلطات المغربية خطة شاملة لمكافحة الحصبة تتضمن تعزيز اليقظة الوبائية وتوسيع نطاق حملات التلقيح لتشمل جميع الفئات العمرية، بدءًا من الأطفال وصولًا إلى البالغين. تم توفير الرعاية الطبية للمصابين بالحالات الخفيفة في المنازل، بينما تم تخصيص غرف عزلة للمصابين في المستشفيات لتفادي انتشار العدوى.

ورغم هذه التدابير، يبقى التحدي الأكبر هو محاربة الشائعات والمعلومات المغلوطة التي تضعف الثقة في اللقاحات، مما يستدعي جهودًا إضافية في مجال التوعية.

وفي هذا السياق، لا يقتصر التحدي على المغرب فقط، بل يمتد إلى مختلف دول العالم التي شهدت انتعاشًا مفاجئًا للحصبة. ففي الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، تسبب تراجع الإقبال على التلقيح في عودة المرض بشكل ملحوظ في 2019، مما دفع الحكومة إلى فرض قوانين تلزم الأطفال بالتلقيح قبل دخول المدارس. أما في الهند، فقد خصصت السلطات حملات تلقيح واسعة استهدفت المناطق الريفية والنائية، مع توفير اللقاحات المجانية وتعزيز التوعية الصحية في المجتمعات المحلية.

إذا كانت هذه الدول قد نجحت جزئيًا في الحد من تفشي الحصبة، فإن المغرب اليوم أمام فرصة كبيرة للاستفادة من تلك التجارب في تعزيز استراتيجياته الوطنية. يظل تعزيز الإقبال على اللقاح، لا سيما في المناطق التي تشهد تدنيًا في التغطية الصحية، أمرًا حيويًا في هذه المعركة. كما أن محاربة الشائعات والتأكيد على أهمية اللقاحات ينبغي أن يكون في صلب الجهود الوطنية لمكافحة هذا المرض.

يبقى نجاح المغرب في التصدي للحصبة مرهونًا بتعاون كافة الأطراف، من الحكومة والمجتمع المدني إلى المواطنين أنفسهم، من خلال تعزيز الوعي الصحي وتوسيع التغطية المناعية. إن هذا التحدي يتطلب استجابة منسقة وعاجلة، ليس فقط من خلال توفير اللقاحات، بل أيضًا من خلال مكافحة المعلومات المغلوطة التي تهدد الصحة العامة في البلاد.

1 92 زيارة , 1 زيارات اليوم

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *