بنكيران في مؤتمر العدالة والتنمية: خطاب الجراح والهروب إلى الماضي

بنكيران في مؤتمر العدالة والتنمية: خطاب الجراح والهروب إلى الماضي

- ‎فيسياسة, واجهة
IMG 20250426 WA0153

 

في بوزنيقة، حيث اجتمع من تبقى من أنصار العدالة والتنمية حول شعار “النضال من أجل مصداقية الاختيار الديمقراطي وكرامة المواطن”، بدا واضحًا أن الحزب يخوض معركته الأصعب: معركة البقاء.
خطاب عبد الإله بنكيران، الذي غلّفه بحرارة الوجدان ومرارة الخسارة، كشف أن الحزب لا يزال أسير مرحلة الألم أكثر مما هو مستعد لفتح صفحة جديدة بجرأة.
ففي زمن تغيرت فيه خرائط السياسة واهتزت الثقة الشعبية، ظل بنكيران يتحدث بلغة الماضي، يراهن على الحنين ويؤجل الإجابة على السؤال الأهم: ماذا بعد؟

في قاعة مجمع مولاي رشيد للشباب والطفولة ببوزنيقة، أطلق بنكيران كلمته النارية في افتتاح المؤتمر الوطني التاسع للحزب، مستعرضًا مسيرة طويلة من النضال والمحن، ومؤكدًا أن العدالة والتنمية لم ولن يتخلّى عن رسالته، مهما اشتدت العواصف.

خطابه، الذي ألهب مشاعر الحاضرين، بدا وكأنه عملية ترميم للروح الحزبية أكثر من كونه عرضًا لرؤية سياسية جديدة. استعان بنكيران بذكريات المظلومية والانتصار، مؤكدًا أن الحزب سيواصل الدفاع عن الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الوطنية، مهما غلت التكاليف.

غير أن تكرار الحديث عن الجراح والمؤامرات السياسية التي أضعفت الحزب، لم يخفِ غياب الإجابات العميقة حول أسباب القطيعة مع قطاعات واسعة من الناخبين. فالإشارة إلى الانتخابات الأخيرة باعتبارها “محطة قاسية” دون نقد جريء للأداء الحكومي السابق، بدت أقرب إلى محاولة تسويق المظلومية بدل تقديم مراجعة سياسية مسؤولة.

بنكيران أكد على تشبث الحزب بثوابته التقليدية، وعلى رأسها احترام المؤسسة الملكية والدستور، ودعا مناضليه إلى العودة إلى هموم المواطنين، معتبرًا أن النصر يبدأ من الشارع والميدان. لكن هذا النداء، رغم صدقه الظاهري، بدا متأخرًا، وكأن الحزب يسعى لاستعادة زمن قد مضى، دون أن يقر بأن الواقع السياسي والاجتماعي قد تغير كثيرًا.

وسط تصفيقات مدوية وهتافات الدعم، أنهى بنكيران كلمته بنداء مؤثر:
“لسنا ممن يهربون عند أول عاصفة… نحن أبناء هذا الشعب، وسنبقى نحمل همومه في قلوبنا حتى آخر نفس!”

غير أن الخطاب العاطفي وحده، مهما بلغ صدقه وحرارته، لم يعد يكفي لإقناع جمهور أنهكته الوعود والتجارب الفاشلة. فرهان “العودة إلى الناس” قد يبدو نبيلًا في ظاهره، لكنه يطرح سؤالًا مؤلمًا: أين كان الحزب حين كانت تلك الهموم تتراكم وتتحول إلى خيبات؟

لقد أظهر مؤتمر بوزنيقة أن العدالة والتنمية يملك ذاكرة قوية لجراحه، لكنه لم يقدم رؤية واضحة لكيفية تجاوزها. التشبث بالثوابت جميل، ولكن بدون نقد ذاتي صريح، واستيعاب لدروس الماضي، ستظل العاصفة أقوى من السفينة مهما بلغت صلابة الربان.

المواطنون اليوم لا ينتظرون خطابات المقاومة، بل ينتظرون سياسات فعالة تترجم إلى واقع ملموس. ولعل التحدي الحقيقي الذي يواجه الحزب، هو أن يقنع الشارع بأنه قادر على أن يكون أكثر من مجرد شاهد حزين على تراجعه

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *