إلى هشام جيراندو ومن يردد وراءه دون دراية:
كما قلت لك في المرة الماضية لكنك لاتأتي السمع إنما كالحمار يحمل اسفارا. جواب رجالات الدولة كالحموشي و بوريطة في الميدان لا في الهذيان و بالنجاحات لا بالاخفاقات و العويل كلما صادفت نجاحا و فتحا لاحد مؤسسات الدولة. اسمع و اعلم وتعلم اخنس.
كلما ارتفع عَلَم المغرب خفاقًا في محافل الدبلوماسية، وارتفعت معه كلمة السيادة والعقل والرصانة، خرجت علينا أصوات مكررة بنغمة الناقم، لا تحمل إلا عبارات “قالوا له” و”سمع من أحدهم”، كأنها روايات بلا سند ولا عقل، تصطدم بجدار الواقع الصلب الذي يصنعه رجال الدولة لا هواة الثرثرة.
ناصر بوريطة، رجل لا يردّ على الضجيج، بل يُجيب بالأفعال:
هو من أدار ملفات كبرى ببرود أعصاب الحاقدين، لا بانفعال المتربصين. لك في حالة الجزائر خير مثال لمن ألقى السمع وهو شهيد
هو من قاد تحت الرعاية السامية دبلوماسية المغرب نحو العمق الإفريقي، وأعادها إلى الاتحاد الإفريقي مرفوعة الرأس.
هو من شق طريق الاعترافات بسيادة المغرب على صحرائه، اعترافات تتوالى لا بـ”كيس أرز” بل بقنصليات ودعم رسمي من دول مؤثرة.
وهو من جعل من وزارة الخارجية مؤسسة تتحرك بثقل الدولة لا بخفة الانفعال.
أن ينتقد أحدهم موقفًا دبلوماسيًا مدروسًا فقط لأنه لا يروق لذوقه الشخصي، أو لأنه يخلط بين المبادئ والسياسات، فذلك حقه كفرد.
أما أن يُحاكم رجل دولة ناجح بما “قيل له” و”سمعه في المجالس”، فذلك إسفاف لا يليق إلا بمن ارتضى لنفسه دور “المُعلق من المدرجات”، لا صانع القرار في الميدان.
ثم من يتحدث عن التطبيع، فليبدأ من حيث تنتهي نفاقات البعض:
أليس الفلسطينيون أنفسهم مَن يجالسون الإسرائيليين، ويتعاملون معهم اقتصاديًا وإداريًا يوميًا؟
أليس التعاون مع القوى المؤثرة في المنطقة مدخلاً لحماية المصالح لا خيانة للقيم؟
ثم مَن الذي يزايد على المغرب، وهو البلد الوحيد الذي يرأس لجنة القدس فعليًا، لا كلامًا، ويترجم دعمه الميداني عبر وكالة بيت مال القدس التي لم تُغلق أبوابها يومًا؟ أليس المغرب مسرح لأكبر المظاهرات المحددة باسرائيل؟ أليست قطر هي من حذرت مواطينيها من مغبة الانجرار في المظاهرات السياسية المناوئة لإسرائيل؟
الحنكة ليست في رفع الشعارات، بل في تأمين المصالح دون التفريط في المبادئ.
وهذا ما يفعله ناصر بوريطة، ويجهله كثير من المنتقدين.
فليستمر من يصنع النتائج في الميدان، ولْيتحدث من لا دور له إلا “أن قالوا له”.
أما المغرب، فماضٍ بثقة في طريقه، لا تهمه الزوابع الموسمية.