نجيبة جلال
مرة أخرى، يتعرض زعيم عربي لحملة تضليل وتشويه، فقط لأنه تحدث بلغة الدبلوماسية والعقلانية بدلًا من الانسياق وراء الخطاب الشعبوي. هذه المرة، المستهدف هو ملك الأردن، عبدالله الثاني، بعد لقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث عبر بوضوح عن موقف بلاده: لا لتهجير الفلسطينيين، الحل يجب أن يكون عربيًا، والاستقرار الإقليمي لا يتحقق إلا من خلال حل الدولتين.
لكن بدلًا من التركيز على مضمون تصريحاته، اختارت بعض الجهات – الغربية والعربية – استغلال لغة الجسد لتشويه صورته، زاعمين أنه بدا “مرتبكًا ومهزوزًا”، بل وصل الأمر إلى السخرية من حركة عينيه الناتجة عن اضطراب صحي معروف (الرأرأة)، وكأن المرض أصبح حجة سياسية لتصفية الحسابات. عندما يعجزون عن مهاجمة موقف سياسي متزن، يلجؤون إلى التنمر والأساليب الرخيصة، وهذا وحده كافٍ لفضح نواياهم.
ما قاله ملك الأردن لم يكن مفاجئًا، بل هو امتداد لموقف بلاده الثابت من القضية الفلسطينية. ومع ذلك، تعمدت وسائل إعلام مثل “رويترز” و”الجزيرة” إعادة صياغة كلماته بطريقة توحي وكأنه وافق ضمنيًا على خطة التهجير، رغم أنه أكد العكس تمامًا. في المقابل، وجدنا شخصيات محسوبة على الإخوان المسلمين تتسابق في السخرية، وأصواتًا جزائرية – سواء داخل النظام أو في “معارضته” – تهاجم الأردن فقط لأنه يدعم المغرب في قضية الصحراء. فلسطين بالنسبة لهؤلاء ليست سوى ورقة ضغط، يستخدمونها متى أرادوا تصفية حساباتهم السياسية، بينما تبقى بلادهم آخر من يحق له المزايدة، وهي التي تمنع حتى التظاهر نصرة لغزة.