النقابة الوطنية للصحافة المغربية- بين ازدواجية المواقف وفضائح التلاعب بملفات الصحفيين

النقابة الوطنية للصحافة المغربية- بين ازدواجية المواقف وفضائح التلاعب بملفات الصحفيين

- ‎فيرأي, واجهة
الكبير اخشيشن
إكسبريس تيفي

بقلم نجيبة جلال

في الوقت الذي ينتظر فيه الصحافيون موقفًا واضحًا من النقابة الوطنية للصحافة المغربية بشأن القضايا التي تمس المهنة وحرية الصحافيين، اختارت هذه الأخيرة الصمت المطبق تجاه الحكم القضائي الصادر لصالح الزميل يونس أفطيط، مدير نشر موقع بلادنا 24، والذي أنصفه القضاء المغربي من التهم الموجهة إليه. إن هذا الحكم يشكل رسالة قوية حول استقلالية القضاء وضمانه للعدالة، وكان من المفترض أن تكون النقابة أول من يباركه، لكنها فضّلت تجاهله، في موقف يثير الكثير من التساؤلات حول ازدواجية المعايير التي تتعامل بها مع قضايا الصحافيين.

في المقابل، نجد أن النقابة لم تكتفِ بالصمت، بل سمحت بممارسات تساهم في تعتيم الرأي العام وضرب مصداقية المؤسسات، من خلال فتح أبوابها أمام شخصيات مثل حميد المهداوي وبعض أصدقائه، الذين استقبلتهم في مقرها بالرباط، ووفّرت لهم منصة لمهاجمة مقاولات صحفية وسبّ وقذف وزير العدل عبد اللطيف وهبي ووزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد، في مشهد يطرح أكثر من علامة استفهام حول حقيقة الدور الذي تلعبه النقابة اليوم.

المهداوي، الذي احترف خطاب المظلومية، لا يترك فرصة إلا ويحاول شيطنة القضاء المغربي، وتصويره على أنه أداة للقمع، رغم أن القضاء نفسه هو الذي أنصف صحافيين آخرين مثل يونس أفطيط. لكن بدل أن تتخذ النقابة موقفًا حازمًا لقطع الطريق على هذا النهج التخريبي، نراها تنخرط بشكل غير مباشر في هذه اللعبة، إما بالصمت، أو بمنح مساحة لأشخاص لا همّ لهم سوى تشويه صورة الصحافة الوطنية وتحويلها إلى منصة لتصفية الحسابات.

وفي تطور آخر يعكس التخبط داخل النقابة، خرج رئيسها عبد الكبير اخشيشن ليعلن فجأة عن وجود ملفات مشبوهة تم تقديمها للمجلس الوطني للصحافة للحصول على البطاقة المهنية. وإذا كان هذا التصريح صحيحًا، فإنه يشكل إدانة مباشرة له وللنقابة، لأنها كانت شريكًا في منح هذه البطاقات. كيف يمكن للنقابة أن تطعن اليوم في ملفات كانت جزءًا من المصادقة عليها؟ ولماذا لم تخرج هذه الحقيقة إلى العلن إلا الآن؟ هل هي محاولة لخلط الأوراق قبل تجديد تركيبة المجلس الوطني للصحافة؟

اللافت في الأمر أن هذا التصريح يأتي في وقت يتم فيه استهداف يونس مجاهد وعبد الله البقالي، وكأن هناك محاولة واضحة لتصفية حسابات داخلية وإقصاء بعض الأسماء من المشهد. لكن ما لم يدركه اخشيشن ومن يقف خلفه، أن ضرب مصداقية المجلس الوطني للصحافة بهذه الطريقة لا يسيء فقط لمجاهد والبقالي، بل يمس جميع الصحافيين، ويضع شرعية المؤسسات الصحفية بأكملها موضع تساؤل.

إن النقابة الوطنية للصحافة المغربية اليوم مطالبة بأن تحدد موقفها بوضوح. هل هي مع الصحافيين أم ضدهم؟ هل تدافع عن حرية الصحافة أم توفر منصة لمن يسعون إلى تمييعها؟ استمرارها في هذا النهج المتناقض لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى، وسيفتح المجال أمام الدخلاء لتخريب المشهد الإعلامي المغربي. فإما أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية وتتصدى لكل من يحاول شيطنة القضاء والصحافة، أو أن تعترف بعجزها وتترك المجال لمن يستطيعون حماية المهنة من هذا العبث.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *