في حلقة جديدة من مسلسل “الصحفي الذي أحبّ المال أكثر من الحقيقة”، تنكشف لنا خيوط مثيرة حول علاقة غامضة عمرها ربع قرن بين الحسين المجدوبي المنحوسي ورجل الظل، ميستر H. علاقة تثير الأسئلة أكثر مما تقدم من إجابات واضحة، ولكن مهلاً، أنا لا أتهم أحداً، فقط أمارس حقي المشروع في التساؤل.
ما السرّ وراء إصرار ميستر H على أن يلتزم المنحوسي “صمت القبور” بشأن الأموال التي يرسلها له؟ لماذا هذا الحرص المبالغ فيه على السرية؟ هل هي علاقة مهنية بحتة… أم أن الأمر يتعلق بصفقة لا تطيق أن تلامسها أشعة الحقيقة؟
الأكثر إثارة للدهشة هو التذبذب الغريب في تفسير الحسين المجدوبي لمصادر هذه “التحويلات”. في بعض الأحيان، يدّعي أنها مقابل “استشارة سياسية”، في حين أن هذا الشخص لا يبدو أنه يملك من السياسة أكثر مما يملك من الخبرة في تلميع صور تجار المخدرات. لنتذكر فقط قضية منير الرماش، المعروف بـ”إيسكوبار الشمال”، حيث وُجهت أصابع الاتهام إلى المجدوبي في نشر مقال ممول لصالح أحد أباطرة المخدرات. هل هذه هي “الاستشارة السياسية” التي يروج لها؟
في موقف آخر، يعمد المنحوسي إلى التمويه قائلاً إن الأموال تخص “مشاريع تجارية”، مثل تجارة الحقائب الجلدية. تجارة؟ حقائب؟ عبر تحويلات مالية سرية؟ هذا بعيد كل البعد عن عبقرية الاستثمار! هل يعقل أن الأموال التي يتلقاها تتم استثمارها في مشاريع “مشبوهة” تحت ستار التجارة؟
لكن، ولأننا نحترم قرينة البراءة ونرفض التسرع في إصدار الأحكام، لا يسعنا سوى أن نتساءل: هل هناك علاقة مالية غير نزيهة بين الحسين المجدوبي وميستر H تمتد لأكثر من 25 سنة؟ هل الأمر يتعلق حقاً بـ”أتعاب مهنية”… أم أننا أمام شبكة لتبييض الأموال وتهريبها من تحت الأنظار؟
الأدلة التي قد تؤكد الشكوك تتوالى بشكل غير مباشر. فالحسين المجدوبي لا يحوّل المال مباشرة، بل يبدو أنه يقتطع جزءاً منه لنفسه قبل أن يرسل الباقي إلى حساب مصرفي في جبل طارق، مستخدمًا جوازه المغربي. لماذا جبل طارق؟ ببساطة، لتفادي الضرائب الإسبانية التي تصل إلى 45%، مقارنة بـ12.5% فقط في جبل طارق. هذا ليس تفصيلاً بسيطاً حين نتحدث عن مبالغ تصل إلى 100.000 دولار وأكثر! هل هذا مجرد مصادفة؟ أم أن هناك خطة محكمة لتفادي الضرائب؟
ثم يأتي السؤال الأهم: متى ستتحرك السلطات الإسبانية للتحقق من هذه التحويلات المالية؟ الرجل مقيم ضريبي في إسبانيا، لكن أفعاله تكشف عن شخص يتقن لعبة التهرب الضريبي، ويبدو أنه لاعب محترف في هذا المجال.
خلاصة القول؟ نحن أمام قصة لا تشبه الصحافة في شيء، بل أقرب إلى مسلسل “ناركوس” بنسخة صحفية مملة… مليئة بالمرتزقة الذين يتقنون فن التلاعب بالأموال، والذين يتسللون خلف الجدران بحثاً عن الثروات، بعيداً عن الأضواء.
1 30 زيارة , 1 زيارات اليوم