هيئة التحرير/
تواجه البنوك المغربية العاملة في الاتحاد الأوروبي ضغوطًا تنظيمية جديدة قد تقلب المعادلة المالية مع دخول توجيه الاتحاد الأوروبي “CRD VI” حيز التنفيذ. التوجيه يُلزم الدول الأعضاء بتنفيذه بحلول 10 يناير 2026، ويُطبق على فروع البنوك الأجنبية، ومنها المغربية، ابتداءً من 2027.
القانون الجديد يمنع البنوك غير الأوروبية من تقديم خدمات مباشرة للمقيمين في الاتحاد من بلدانها الأصلية، ما يُجبر المؤسسات المغربية مثل “البنك الشعبي” و”التجاري وفا بنك” و”بنك أفريقيا” على تعديل خدماتها لتتوافق مع اللوائح الأوروبية فقط. هذا التغيير يعني إنهاء نشاط الوساطة البنكية مع زبنائها من الجالية المغربية، وهو ما ينذر بتبعات خطيرة على حجم تحويلاتهم.
رشيد الفقير، أستاذ الاقتصاد، قال في تصريح صحفي إن البنوك المغربية ستُجبر على تقديم منتجات لا تلائم احتياجات الجالية، مما سيؤثر على تدفقات الأموال نحو المغرب ويزيد من تكاليف التحويل. وذكّر بأن تحويلات الجالية تمثل نحو 20 بالمئة من موارد العملة الصعبة، وتلعب دورًا محوريًا في ميزان المدفوعات الوطني، ما يجعل أي تراجع فيها خطرًا مباشرًا على التوازن الاقتصادي.
القيود الجديدة سترفع أيضًا تكلفة المعاملات. إذ يُتوقع أن تعتمد البنوك المغربية بشكل أكبر على وسطاء محليين في أوروبا، مما سينعكس على رسوم التحويل، ويفرض عبئًا إضافيًا على الأسر المغربية في الخارج.
توجيه CRD VI لا يقتصر على منع الخدمات العابرة للحدود، بل يفرض أيضًا معايير صارمة لرأس المال، وإدارة المخاطر، والحكامة. هذه المتطلبات ستدفع البنوك المغربية إلى ضخ استثمارات كبيرة لمواءمة أنظمتها، مما قد يضعف قدرتها التنافسية في السوق الأوروبية.
في المقابل، بدأ بنك المغرب تحركات استباقية. دخل في مشاورات مع وزارات الخارجية والمالية والاقتصاد، ومع الهيئة الأوروبية FISMA. والي بنك المغرب أشار إلى العمل على حلول رقمية لتجاوز هذه القيود، ولم يستبعد التفاوض مع الأوروبيين بشأن الشروط الأكثر صرامة.
الخبير الاقتصادي رشيد الفقير اقترح دعمًا ماليًا وتقنيًا للبنوك المغربية لتسريع تأقلمها، إلى جانب مفاوضات ثنائية مع الدول الأوروبية لتليين بعض بنود التوجيه، وإطلاق حملة تواصلية مع الجالية لتعريفهم بالبدائل المتاحة.
التحديات القادمة تختبر قدرة النظام البنكي المغربي على الصمود والتأقلم، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى كل نقطة تحويل وكل فرصة للحد من نزيف العجز التجاري.
1 8 زيارة , 1 زيارات اليوم